سنة من النوم بعينيه فغفا، وأسكرته نسمات الربيع فاستسلم لأحلامه الخمرية الحلوة. . .
وكان يأوي إلى هذا الجبل، جبل آفنتين، مارد لص قاطع طريق، يدعى كاكوس، وجد هرقل غاراً في سبات ناعم، فذهب بنصف القطيع أو يزيد. . .
واستيقظ البطل على رُغاءٍ يتجاوب في حدود الأفق، فلما تفقد قطعانه انطلق في أثر اللص حتى لحق به، وحطمه تحطيماً!
وقبيل شروق الشمس، كانت مدينة أرجوس كلها عند الأبواب تستقبل الرزق والغنم، وتهتف باسم البطل الحلاحل الذي بهرها بشجاعته، وخلب ألبابها بما أبدى، وما ينفك يبدي، من ضروب القوة والاستبسال
وأحس يوريذوس بما انطوت عليه قلوب الأهالي من المحبة والافتتان بهرقل، فتسخّط وحنق، وبيَّت الشر المستطير
١١ - تفاهات هسبريا الذهبية
وأدركت حيرا ما ينقم الملك من هرقل، فوسوست إليه أن يأمره بالحصول على تفاحات هسبريا الذهبية، وهيهات هيهات أن يستطيع أحد الحصول عليها!
ولقد أهديت هذه التفاحات إلى حيرا، ليلة زفافها إلى زيوس، رب الأرباب، فيما أهدى إليها من تقدمات وتحف؛ أهدتها إليها (جي) ربة الأرض، فكانت أثمن الهدايا جميعاً وأغلاها. لأنها فضلاً عن أنها من الذهب الخالص، فقد رصعت بأندر اللآلئ، وزينت بصور الآلهة، ونقشت فيها حدائق الأولمب؛ ثم تستقل بميزة ندر أن تكون لحلية مهما غلت: ذلك أنها إذا غابت الشمس، وأقبل الليل بظلامه، شعَّت أضواءً ولآلاء قل أن تصدر إلا عن كواكب درِّي، أو شمس وضاءة، فتنقشع الغياهب وتنجلي الدياجير!
وحسبك أن تعلم أن حيرا نفسها لم تأمن آلهة الأولمب وحُرّاسها الغلاظ على هذه القُنْية النادرة، فأرسلت بها إلى الهسبريد، بنات هسبروس إله الغرب العظيم، ليحرسنها. ولتكون عندهن في مأمنٍ من كل ساربٍ بليلٍ، أو سارقٍ في نهار، وقد عرف الهسبريد لهذه التفاحات قيمتها، فعلَّقها في دوحة باسقةٍ في حديقة قصرهن المنيف، وأقمن على حراستها التنين الهائل لا دون، الذي قيل في صفته إن له سبعين ألف رأس في كل رأس سبعون ألف عين، وسبعون ألف ناب يتدفق السم منها جميعاً. ثم إنه يبلغ ألف ذراع طولاً وخمسين