من صولته أفعوانات البحار، فلما شهد هرقل يخبُّ في أفق البلاد كأنه جبل يتدهدى، أخذ أهبته لمنازلته، ولم تساوره ذرة من الشك أنه منتصر عليه
فلما وصل هرقل، حيا أحسن تحية، ولكن أنتيوس لم يجب، بل إنه سارع فأخذ بتلابيب البطل عابر السبيل!!
- (ماذا بك أيها الأخ! دعني فليست لي عندك حاجة!)
- (لا، لا نجوت إن نجوت! لا أرى إلا أن أصرعك!)
- (ولِمه؟!)
- (هذا ما لا أعرف، ولكن لا بد من أن أصرعك على أية حالة!)
وتصارع الخصمان، وأقبلت الأقزام ترى إلى هذين الجبلين يأخذ أحدهما بعناق الآخر فيلببه تلبيباً!
وكان أنتيوس كلما خانته قواه، وأيقن أن هرقل لا بد صارعه، وقف قليلاً على أديم الأرض يستمد منها قوة، ويستلهم الحول من أمه (جي). . .
فهو ابن جي إذن، ولن يسر ربة الأرض أن يصرع ابنها أحد، إذن فلتمده بكل ما في سرها من قوة ليصرع هرقل!
وخارت قوى البطل! وراح يلهث من شدة النصب؛ بيد أنه تنبه إلى السر آخر الأمر، عندما لحظ أن أنتيوس يزداد قوة كلما مست قدماه الأرض؛ فرفعه رفعة هائلة، ولم يمكنه من الوقوف لحظة على قدميه؛ ثم أخذ يضغط عنقه الغليظ العبل، حتى شهق شهقة كانت هي شهقة الموت. .!
فألقى به. . . ومضى لشأنه!!
وتلفت فرأى عرائس ماء يلعبن على الشاطئ، ويترامين بلآلئ مما يعد لديهن من حصباء البحر؛ فوقف غير بعيد وهتف بهن:
(يا عرائس الماء الجميلات! هل لكن أن تهدينني إلى أطلس الذي يحمل السماء، ويمسك كواكبها أن تقع!؟)
وفزع عرائس الماء وهرعن إلى البحر، ولكن فتاة جريئة وقفت ترقص على رأس موجة وقالت: (امض أيها الرجل حتى إذا لقيت السد الذي يفصل البحر المحيط من مائنا هذا