(وكان البحر الأبيض)، فإذا استطعت أن تنفذ فانك تكون على فراسخ من أطلس. . .)
وشكرها هرقل، وانطلق. . .
وكان أمام السد؛ ولكنه كان جبلاً شامخاً ذا قُنن وقُلل وأحياد؛ فلما لم يستطع أن يتسلقه؛ ضربه بيمينه ضربة، وبشماله أخرى، ففتح ثغرات كبيرة نفذ منها، وترك الجبل وراءه أعمدة عالية، ما تزال تعرف إلى يومنا هذا بأعمدة هرقل!!
ونظر فما هاله إلا هذا الإله العظيم سامقاً في الأفق، يحمل على كتفيه العريضتين قبة السماء. والنجوم منتشرة حوله كأنها قطرات أمطار في يوم عاصف!
وتقدم هرقل فحيّا الإله الضخم، وحياه الإله الضخم بأحسن مما حيا هرقل، ثم أقرأه هذا تحية برومثيوس، وزف إليه بشرى خلاصه من الصخرة التي ظل مُكبّلاً فوقها أحقاباً وأحقاباً!
وطرب أطلس لهذه البشرى، وأفتر عن ثنايا كأنها قمم الجبال مُغطَّاة بالثلوج، ثم قال:
- (ومن أنقذه من عذابه الطويل يا صاح!)
- (أنا إن كان يسرك ذاك النبأ)
- (أنت؟ أنت من المكرمين إّن! مرحباً بك أيها المخلص الأمين!)
- لقد كدت ألقي بهذا الحمل الذي ترى لأنقذ أخي، ولكني خفت أن يهلك العالم بمن فيه. . . و. . . على ذكر أخي، كيف هؤلاء الناس الذين خلق؟ أبخير هم؟ وهل يخبتون له حقاً؟ إن زيوس مغيظ منهم، وامرأته حيرا محنقة كذلك، أعندك من أخبار هؤلاء شيء؟
- (عندي أشياء يا أبتاه. . أنا ابن زيوس من الكمين، وقد نقمت حيرا على والدتي، فأرادت أن تفجعها فيّ، وقد أغرت رب الأرباب بي، فقضى أن أخدم النذل يوريذوس سنة بتمامها أصدع له خلالها بما يأمر، وقد أرسلني أجوب الآفاق وأذرع الأرض من أجل تفاحات هسبريا الذهبية، وقد ذكر لي أخوك، بعد إذ أطلقته، إنك وحدك تعرف مكان حدائق الهسبريد وإنك وحدك تستطيع الحصول على هذه التفاحات، فهل أسعد بأن تؤدي لي هذه اليد؟ لقد كادت حيرا كيدها هذا، وإلا تنصرفي أكن من الهالكين!)
وشاءت الخيلاء في أعطاف أطلس، وسرت حميّا الزهو في ظهره الشاسع، فقال: (أجل يا صاح، لن يستطيع قتل لا دون غيري، ولن يدخل حدائق الهسبريد سواي، ولكن كيف أترك