وكذلك لا نستطيع في الظروف الحاضرة التي يحلق فيها شبح الحرب في شرق أفريقية أن تقف عند المعاهدات والنصوص في تقدير الدور الذي يمكن أن تؤديه قناة السويس في إذكاء هذه الحرب أو وقفها؛ فإيطاليا تستعمل القناة بملء الحرية لإرسال الجند والذخائر إلى شرق أفريقية؛ فإذا نشبت الحرب بينها وبين الحبشة فماذا يكون شأن القناة؟ هل تظل مفتوحة أثناء الحرب لمرور الإمداد الإيطالية، أو تغلق في وجهها؟ إن معاهدة سنة ١٨٨٨ صريحة كما بينا في وجوب فتح القناة وضمان حرية الملاحة فيها أثناء الحرب بالنسبة للفريقين المتحاربين؛ ولكن النصوص وحدها لا تكفي هنا. وكل شيء يتوقف على ظروف العلائق بين إنكلترا وإيطاليا؛ فإذا كانت هذه العقائد مما يسمح بتأييد السياسة البريطانية لمشروع إيطاليا في غزو الحبشة، فان القناة ستبقى مفتوحة حرة؛ وإذا كان لدى السياسة البريطانية ما يحملها على الوقوف في وجه مشاريع ايطاليا، فقد تغلق القناة بالاستناد إلى ميثاق عصبة الأمم أو غيره من الأسانيد والنصوص.
وعلى أي حال فان المسالة في منتهى التعقيد والدقة، وأمرها مرهون بالظروف والمفآجات التي قد نثيرها الحوادث دون توقع أو تقدير