البهرا، يجتمع به كل ليلة في خلوة مهيئة بالمسجد الخاص، وما يزال هذا أمره حتى يقبل اليوم الذي يسفر فيه الناس
وشيخ البهرا هو همزة الوصل بين المهدي المنتظر وأتباعه، وهو مستودع سره ومثار نجواه، يستشيره ويستلهمه ويخرج بتعاليمه على الناس؛ وأما الطائفة فتنشر الدعوة إلى المهدي المنتظر، وتنشرها بأن تزين مبادئها للناس، وما تزال ماضية في مهمتها حثيثة السير حيناً ووئيدته حيناُ حتى يدخل المسلمون جميعاً في طائفة البهرا، يقدسون مذهبها، ولا يحيدون عن عقائدها
وشيخ البهرا في العالم هو اليوم مولانا طاهر سيف الدين، وهو الذي يقيم على جماعاتها في كل بلد توجد بها شيخاً من قبله يأتمرون بأمره وينتهون بنواهيه - وقد رأيت أول من رأيت من أولئك الشيوخ، في عدن، بعد أن علمت أنه من أجل أهل الإقليم مقاماً، ومن أرفعهم شأناً، فإذا رجل يحف به الوقار، ويتهلل وجهه الذي استتر نصفه خلف لحيته البيضاء، بالبشاشة والأنس، حديد البصر، أخضر الأحداق، أبيض اللون، نحيل الجسم بعض النحول، يستر رأسه بعمامة بيضاء ويبتسم عن سنين أو ثلاث في فمه، فقد بلغ بالستين مبلغ الشيوخ - ولعل أبرز ما في الشيخ لحيته الطويلة ولسانه لعربي المبين: أما لحيته فكأنها قطن منقى، يتفرق على صدره خصلاً رقيقة منفوشة، إن تكلم اهتزت أطرافها، واتبعت في اهتزازها حركات فمه، كأن بين لسانه ولحيته صلة من فضل ومن وقار. وكأنما عاهد الشيخ نفسه على ألا ينطق بغير العربية الفصحى، فما سمعه الناس متكلماً إلا بها، وقد حاسب نفسه على الضمة والفتحة حساباً عسيراً
ولقد كنت في جملة من دعاهم الشيخ إلى مأدبة عشاء أقامها في دار البهرا بعدن، وهي من أفخم دور المدينة وأكثرها أناقة، تجمع بين منزل الشيخ والمسجد الخاص الذي لا يصلي فيه غير البهرا، ولا تصح صلواتهم في سواه. والشرفة الفسيحة التي يستقبل الشيخ فيها زواره، تحف بها حجرات كثيرة أعدت لشؤون الطائفة، وقد بنيت هذه الدار على نفقة (البهريين) المقيمين في عدن، وعددهم لا يجاوز الألف، كلهم ملتحون
كانت الشرفة الرحيبة التي هيئت ليستقبل الشيخ فيها ضيفه مفروشة بالحصير، وفي صدرها صفت الوسائد إلى الجدار، واتكأ على أوسطها صاحب الدار، ويطلق عليه في