للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعرف من بأسس البطل وعظيم قوته ما يعرف كل ملوك هيلاس وأمرائها؛ وكان قد أجاب أخيلوس إلى خطبته وهو يعلم من سخط ابنته على هذا الزواج ما يعلم؛ فلما تقدم إليه هرقل استبشر وقال: (. . . . . . لقد كنت يا بني وعدت أخيلوس أن يبني على ديانيرا، وهو من تعلم في الحول والطول والجبروت، ولكني مع ذاك لا أفضله عليك، بل نجعل لكما يوماً تلتقيان فيه؛ فمن يصرع صاحبه كان كفؤاً لديانيز)

وقبل هرقل، ورضى أخيلوس؛ واجتمع الناس من كل فج يشهدون الصراع العظيم بين الجبارين العنيدين. . . وكان كل واثقاً بنفسه، لا يخامره أدنى شك في أنه فائز على صاحبه. فلما تقابلا، ثار من حولهما النقع، وكانت أنظار الناس كالمتصلة بسواعدهما بأمراس شداد؛ وبعد قليل أخذت الأرض ترجف من تحتهما، وطفق الملعب يهتز بمن فيه من خلق كثير. . . وكانت ديانيرا تشرف من مقصورتها وتكاد تغص بريقها إشفاقاً على هرقل، وكان هو كذلك، كلما خارت قواه، نظر أليها النظرة تتجد بها روحه وتتضاعف مرنه ويمتلئ قلبه بالآمال. . . . . . وكان أخيلوس قد فطن إلى جبروت هرقل، وكان يستطيع أن يتشكل بأي خلق اراد، فجعل يتقلب من ثعبان ضخم الجثة، إلى تنين عظيم الجرم، إلى أسد بادي النواجذ، إلى. . . ما شاء له سحره وقوة حيلته من أشكال وأوضاع. .: ثم انقلب إلى عجل جسد ذي قرنين كبيرين، وشرع ينطح هرقل، وهرقل يتقيه، حتى استطاع البطل أن يأخذ بقرنيه بكلتا قبضتيه، وجعل يخبط برأسه الأرض في عنف وغل، حتى كسر أحد القرنين وفر أخيلوس من الميدان هارباً. . . لا يلوي على شيء. . . ودوى الملعب بالتصفيق، واندلعت الحناجر بالهتاف، وتدفق الناس نحو هرقل يحملونه على الأعناق. . . وتقدمت ديانيرا فحياها البطل بقبلة فردوسية خالدة، ما يزال صداها يرن على شفاه المحبين. . وتم العرس. . . وانطلق هرقل بزوجه يجوب الآفاق. .

وحدث أن اعترضه نهر عظيم لم يستطع أن يعبره ومعه ديانيرا. فبينما كان يعمل فكرته كيف يقتحمه، إذا سنتور عظيم يعرض عليه أن يحمل زوجه فيعبر بها إلى العدوة الثانية سالمة آمنة، ثم يرتد فيحمله إليها كذلك؛ وقبل هرقل، ونسى ما كان بينه وبين السنتور من عداوة وبغضاء، وحرب قديمة تدمى لها قلوبهم، وتقرح نفوسهم، وأعان هرقل زوجه فاستوت على ظهر السنتور، وخاض بها الماء وهو يطفر من الفرح، ويحلم بالمنى

<<  <  ج:
ص:  >  >>