رد فعل لخلو الحياة في ذلك العصر خلواً يكاد يكون تاماً من كل ما هو فاضل بريء
نهضة الدرامة في القرن التاسع عشر:
كانت حياة المسرح الإنجليزي في القرن الثامن عشر حياة خاملة لا نشاط فيها ولا جدة، ولو أن نجماً أو نجمين سطعا في سمائه ثم أفلا - وأعني بهما (شريدان) و (جولد سمث). والآن ونحن نريد أن نعالج نهضة القرن الفائت الحديثة يجدر بنا أن نذكر شيئاً عن كل من الاتباعية (الكلاسزم) مذهب العهد المنقرض، والإبتداعية (الرومانتسزم) مذهب العهد الناهض الجديد. والحق أن كلا من المذهبين ينشأ عن وجهة نظر خاصة نحو الطبيعة البشرية. (فالاتباعية) تعتبر الإنسان حيواناً حقيراً بطبيعته، وتعتبر أنه لا يستطيع أن يرقى وينهض إلا بالطاعة وحكم النفس والعمل الدائم. ومن هذا كانت الطاعة وضبط النفس أظهر مميزات هذا المذهب، وأنت تجدها تتجلى في الفن (الاتباعي) في دقة الأشكال والأوضاع، وفي صقلها صقلاً تاماً، ثم في خلوه من كل ما من شأنه التطرف والعنف. أما الإبتداعية فتعتبر الإنسان نبيلاً بطبيعته، غير أن الأوضاع والأنظمة التي وضعها لنفسه هي التي حطت من قيمته وجعلته ذليلاً ضعيفاً. ومثل هذه الأنظمة المجتمع نفسه - الأخلاق - والقانون وغيرها - وإن عبارة (روسو) الافتتاحية في كتابه العقد الاجتماعي: (الإنسان حر بطبيعته ولكنه يجد نفسه مكبلاً بالقيود أينما كان) هي أول تعبير صادق (للابتداعية) وهي تتجلى في الفن في نبذٍ متعمد لكل القواعد والتعاريف، وفي الاعتماد اعتماداً تاماً على قوة تعبير الفنان تعبيراً لا يقيده شكل ولا تحده قاعدة - فإن أراد الفنان (الابتداعى) أن يعالج الطبيعة لم يكن محتاجاً إلى الفلسفة تقوده وتهديه - كما كان يفعل شعراء وكتاب القرنين السابع والثامن عشر، بل إن عليه أن يلاحظ ظواهرها فقط، وأن يدون ملاحظاته دون تعديل ولا تهذيب
ومن هذا يتضح قرب المذهب (الابتداعي) من المذهب الواقعي - أعني اتجاه (الابتداعية) اتجاهاً واقعياً قوياً بطبيعتها - واتصالها أساسياً بالحقيقة والواقع. وإن شعر الشاعر الإنجليزي (وردسورث) ونظريته في الأسلوب الشعري - أن يكون خليطاً من الأساليب والألفاظ التي يتحدث بها الناس في حياتهم العادية - لشاهد على ذلك
ومما يشاهد في الدرامة في أواخر القرن التاسع عشر نبذ بعض كتابها - عن عقيدة وعمد