فتحها الثاني الذي كان عنوة، وكانوا يذهبون إلى أن القبط قد ساعدوا العرب ورحبوا بهم. وقد ظلم التاريخ القبط في ذلك ظلماً فاحشاً على نحو ما ظلم العرب ظلماً كثيراً بنسبة حريق خزانة كتب الإسكندرية إليهم) قال: وما كأن لنا إلا قصد واحد وهو أن نصل إلى الحق، وقال إنه ممن يحمل لكل من الشعبين العربي والقبطي أكبر الإعجاب
ومن براهينه في تبرئة العرب من حريق خزانة الإسكندرية أن هذه القصة لم تظهر إلا بعد نيف وخمسمائة عام من وقت الحادثة وقد فحص هذه الحكاية وحللها (شأن عشرات من علماء المشرقيات) فألفاها كما رأوها سخافات مستبعدة ينكرها العقل، وقال أن الرجل الذي ذكر أنه كان أكبر عامل فيها مات قبل غزو العرب بزمن طويل، وإن القصة قد تشير إلى واحدة من خزانتين: الأولى خزانة المتحف، وقد حرقت في حريق قيصر، وإذا لم تتلف كلها كان ضياعها فيما بعد في وقت لا يقل عن أربعمائة عام قبل فتح العرب. وأما الثانية وهي خزانة السرابيوم أما أن تكون تلفت قبل عام ٣٩١، وإما أن تكون قد ضاعت، وعلى كل فقد ضاعت أخبارها قبل فتح العرب بقرنين ونصف قرن، ولو كانت هذه الخزانة باقية عندما عقد قيرس صلحه مع العرب على تسليم الإسكندرية لنقلت الكتب، وقد أبيح ذلك في شروط الصلح الذي يسمح بنقل المتاع والأموال في مدة الهدنة وقدرها أحد عشر شهراً، وإن كتاب القرنين الخامس والسادس لا يذكرون شيئاً عن وجود الخزانة، كذلك كتاب أوائل القرن السابع، وأنه لو صح أن هذه الخزانة قد نقلت أو لو كان العرب قد أتلفوها حقيقة لما أغفل ذلك كاتب من أهل العلم وهو يوحنا النقيوسي، وكان قريب العهد من الفتح، ولما مرّ على ذلك بغير أن يكتب حرفاً الخ
وقال المؤلف في الحاشية إنه لم يقصد سوى إثبات الحقيقة، وما قصد الدفاع عن العرب، وليس الدفاع بضروري، ولو كان ضرورياً لما تعذر أن نجد شيئاً يليق الاعتذار به عن ذلك، ولا شك أن العرب عنوا فيما بعد بجمع كثير من الكتب القديمة وغيرها مما وقع في أيديهم، وعنوا بحفظها، وترجموا منها في كثير من الأحوال. قال: وفي الحق أنهم أقاموا مثلاً يجدر بفاتحي هذه الأيام أن يحذوا حذوه، فقد نقل سيديليو في تاريخ العرب العام أن الفرنسيين عندما فتحوا مدينة قسطنطينية في شمال أفريقية أحرقوا كل الكتب والمخطوطات التي وقعت في أيديهم (كأنهم من صميم الهمج)؛ ووجد الإنجليز عند فتح مدينة مجدلة خزانة