للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أرضاً ولم يحكم شعباً إلا ليؤثر فيه - يا مولاي الأستاذ - لا ليتأثر به.

وقد تولى الإسلام الشام منذ عهد الخليفة الثاني وأسبغ عليه من روحه وثقافته وتعاليمه حتى غدا إسلامياً صبغةً وروحاً، ومضى على ذلك زمن، ولم يأت الأوزاعي إلا والشام في دينه وروحه وثقافته إسلامي صرف، ولم يبق به من ثقافة الرومان عين ولا أثر. فالأوزاعي وليد بيئة إسلامية وثقافة إسلامية، فتسرب الثقافة الرومانية إليه بعد أن اندثرت وسحب الدهر عليها ذيل النسيان وحل محلها ما هو خير ثقافة وأعدل حكما - من البعد بحيث لا يستسيغه عقل المتثبت الحازم.

(١٠) والعجيب أيها الأستاذ الفاضل أنك في آخر ردك على مقالي قلت لا أدع منه عبارة ختامية تلك هي. . . إن الفقه الروماني جديد لفقه جماعة من العلماء وتحقق أنهم أخذوه من الفقه الإسلامي، وهذا ما يجب إلا يعتقد خلافه كل مسلم، قائلاً بل أقول. . . لسنا في شيء من المطالبة بهذه العقيدة في الفقه الروماني، فليست أصول الإسلام ستة، تلك الخمسة المعروفة ثم سرقة الفقه الروماني من الفقه الإسلامي الخ).

ولا أدري ماذا أردت بأصول الإسلام الخمسة؟ فإن كنت تريد بها أركانه التي أولها الشهادتان وآخرها الحج، فالاستنتاج عجيب، لأنني لم أقل إن هذا الاعتقاد ركن من أركان الإسلام، بل غاية ما في الأمر إني قلت إنه واجب؛ وواجبات الإسلام يا مولاي الأستاذ أكثر من أن تكون ستاً أو ضعفها، فإذا ضممت إليها الواجبات الاعتقادية والأعمال والتروك صارت أكثر من أن تحصر! فبأي منطق استنتجت من قولي ما لم أقله، وألزمتني على هذا القول بأن أصول الإسلام ستة؟ ولا يفوتني هنا أن أقول لك أيها الأستاذ إن أدبك الجم قد سمح لك أن تنصحني بأن أعدل رأيي في هذه الأشياء قبل أن أهتم بمسألة الفقه الروماني وأخذه أصوله من الفقه الإسلامي أو تأثر الفقه الإسلامي فتلك مسائل متأخرة، ولكني هنا لم يطاوعني أدبي معك - مهما كان بالنسبة إلى أدبك - أن أقول لك مقال الناصح المشفق إنه يحسن أن تصلح منطقك أولاً قبل التعرض لتطبيقه على مثل هذه الأمور.

وفي الختام أقول لك إنه ليس من الخير أن يتذرع الكاتب للتغلب على مناظره بتحقيره أو مغالطته، وأعتقد أنك أعلم بأدب الحوار والمناقشة من أن أنبهك إليه والسلام عليك.

سنغافوره

<<  <  ج:
ص:  >  >>