للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من شرقيه والواحات من غربيه. ويذهب الآخر منعطفاً إلى المغرب ثم يمر على سمته إلى أن يصب في البحر المحيط وهو نهر السودان وأممهم كلهم على ضفتيه).

من ذلك يتبين إلى أي حد كانت معلومات ابن خلدون عن هذا النهر. أما عن أعالي النهر فمعاوماته قاصرة على السماع وعلى ما وصل إلى علمه من كتب من سبقه إلى ذلك الموضوع. وعلى الأخص كتاب بطليموس الذي ذكر ذلك بوضوح ونقل عنه الإدريسي وغيره. ولكن في كلام ابن خلدون مسألة مهمة إلا وهي ذلك النهر الذي يتجه غرباً ويصب في البحر المحيط.

ما هو ذلك النهر الغربي؟

أكان ابن خلدون متأثراً بالآراء القديمة من أمثال رأي هيرودوت الذي يقول بأن النيل يتجه غرباً إلى المحيط؟ أم كانت عنده معلومات عن نهر الكنغو وظن أنه يتصل بالنيل كما كانت هذه الفكرة سائدة إلى زمن ليس ببعيد؟ أم كان يعرف نهر النيجر وظن أنه فرع من النيل لقرب منابع بعض نهيراته من منابع بعض نهيرات حوض تشاد القريبة من منابع بعض نهيرات النيل؟

ولكي نوضح هذه المسألة نقول: إن ابن خلدون ربما كان يقصد أحد هذه الآراء الثلاثة الآتية:

١. يقول أبن خلدون إن هناك نهيرات تنبع من جبل القمر ثم تصب في بحيرتين، ثم تخرج أنهار من البحيرتين فتصب كلها في بحيرة واحدة عند خط الاستواء، ويخرج من هذه البحيرة نهران يتجه أحدهما نحو الشمال والآخر نحو الغرب ويصب في المحيط.

لعله كان يقصد بحيرة فكتوريا وبحيرة أدورد، وإن البحيرة الثالثة هي بحيرة البرت، والنهر المتجه شمالاً هو بحر الحبل والمتجه غرباً هو الكنغو.

والقاعدة في هذا الفرض أن المنطقة بين النيل والكنغو غير محدودة تماماً، كذلك ليست شديدة الإرتفاع، وفي زمن الأمطار الشديدة قد تكون هذه المنطقة عبارة عن شبكة من المجاري المائية التي يصبح من المتعذر تتبعها خصوصاً وأن تلك الجهات كانت غير معروفة تماماً، وإن المعلومات عنها كانت منقولة عن التجار العرب والزنوج.

فإن كان ابن خلدون يقصد ذلك - وهو الأرجح - فذلك دليل على ذكاء ذلك الرجل

<<  <  ج:
ص:  >  >>