للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفيلسوف والعالم المحقق.

ولقد ظلت فكرة اتصال النيل بالكنغو زمناً طويلاً في عالم الوجود قبل أن يكشف تماماً عن نهر الكنغو.

٢. أما عن الرأي الثاني فنقول إن أبن خلدون ربما قصد بالبحيرة الثالثة منخفض بحر الغزال (بحيرة نو وأقليم السدود ومنخفض بحر الغزال). فالواقع إننا عندما نتتبع هذه المنطقة على الخريطة قد لا نتبين تماماً مقدار عظمها، ولكن إذا ما اطلعنا على مذكرات بعض التجار الذين قطعوا هذه المسافات من أمثال الزبير باشا نتبين تماماً إن هذه المنطقة تظهر لأول وهلة كأنها مستنقع عظيم السعة. فلقد ذكر الزبير باشا في مذكراته أنه ضل الطريق وسط هذا المستنقع أثنى عشر يوماً حتى كاد يشرف على الهلاك.

فربما كان أبن خلدون يقصد بالبحيرة الثالثة هذا المستنقع العظيم. وإن النهر الذي يتجه غرباً هو بحر العرب وروافده. وربما وصلته أخبار عن النيجر وحوض تشاد فظن أن بحر العرب يتصل ببحيرة تشاد وهذه الأخيرة تتصل بالنيجر إلى (البحر) المحيط.

ولقد كان يظن أن النيل يتصل بنهيرات بحيرة تشاد وهذه تتصل بأعالي النيجر، وبقيت تلك الفكرة سائدة إلى إن ذهبت البعثة الفرنسية وطافت حول بحيرة تشاد وأثبتت أن حوض تشاد منفصل عن النيل وعن النيجر تماماً.

وربما كانت تلك الفكرة بعيدة عن ذهن أبن خلدون، ومع ذلك لا مانع من ذكرها خصوصاً وإن فكرة اتجاه النيل غرباً كانت سائدة في قديم الأزمنة.

٣. أما عن الرأي الثالث فربما قصد ابن خلدون بالبحيرة الأولى، بحيرة رودلف، وظن أن نهر أومو الذي يتصل بها متصل بنهر أوكوبو أحد أفرع السوباط، وأن البحيرة الثانية هي فكتوريا، والبحيرة الثالثة هي نو (ومنخفض بحر الغزال وأقليم السدود)، وأن النهر الغربي هو بحر العرب ويتصل بحوض تشاد، ثم حوض تشاد يتصل بحوض النيجر، ثم ينصرف الأخير إلى المحيط كما سبق أن بينت ذلك في الرأي السابق.

ومما جعلنا نحتمل وجود هذا الرأي على الرغم من ضعفه هو قرب بحيرة رودلف من ساحل أفريقية الشرقي، إذ أنه معروف أن التجارة كانت تنقل من أعالي النيل إلى ساحل أفريقية الشرقي حيث يمكن تبادلها مع سكان الساحل الآسيوي المقابل لساحل أفريقية

<<  <  ج:
ص:  >  >>