الشرقي، وكانت الأخبار تنقل مع التجار العرب أو الزنوج، ومن ضمن هذه الأخبار المعلومات المختلفة عن منابع النيل وإقليم البحيرات.
ولما كانت بحيرة رودلف قريبة من ساحل أفريقية الشرقي فلا يبعد على الظن أن تكون ذكرت كمنبع للنيل.
ولعل تلك الفروض كانت راجعة إلى عدم معرفة هذه الجهات بالدقة أيام أن كتب ابن خلدون رسالته، وان كل ما ذكر عنها كان عن طريق النقل والسماع الذي لا يخلو من المبالغة والخطأ، زد على ذلك قلة المعدات العلمية وآلات الضبط والمقاييس المختلفة بعكس ما نحن عليه الآن من تقدم.
والآن ندخل في التفاصيل التي ذكرها الفيلسوف ابن خلدون عن بقية نهر النيل.
قال يصف البحيرة الثالثة:(في أسفلها جبل معترض يشق البحيرة من ناحية الشمال ويقسم ماءها إلى قسمين فيمر الغربي منه إلى بلاد السودان مغرباً حتى يصب في البحر المحيط).
وفي ذلك إشارة إلى خط تقسيم المياه بين النيل والكنغو، ونرجح ذلك إذا ما علمنا أن شاطئ بحيرة ألبرت من الجهة الغربية تحف به الجبال، ثم خلف هذه المرتفعات أي في الجهة الغربية منها توجد المجاري المائية التي تمد نهيرات الكونغو، فلا يبعد على الظن أن يكون ابن خلدون قد اعتبر منابع الكنغو وراء هذه الجبال المتاخمة لشاطئ بحيرة ألبرت الغربي جزءاً متمما لهذه البحيرة خصوصا وهذه المنطقة تحتوي على عدد عظيم من النهيرات، فهي عبارة عن شبكة مائية يصعب تحديدها خصوصاً في أوقات الأمطار الشديدة والفيضانات حيث تظهر كمتسع عظيم من المياه.
وربما قصد ابن خلدون بهذه المرتفعات مرتفعات دارفور التي تفصل مياه وادي الكوه ووادي جندي المتصلين ببحر العرب عن وادي بحر السلامات المتصل بنهر شادي المتصل ببحيرة تشاد.
وربما قصد بهذه المرتفعات مرتفعات بندا التي تفصل بين مياه الغزال من جهة ونهر شادي المتصل ببحيرة تشاد من جهة أخرى. إذ أن نهري الجبل والغزال يكونان حوضا منخفضا في الوسط وحافاته مرتفعة، وما ارتفاع الجهات التي تفصل حوض الغزال عن حوض تشاد إلا لهبوط الانخفاضات المجاورة التي فيها بحر الغزال وحوض تشاد.