للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما عن بقية نهر النيل فقد قال ابن خلدون: (ويخرج الشرقي منه ذاهباً إلى الشمال على بلاد الحبشة والنوبة وفيما بينهما. وينقسم في أعلى أرض مصر فيصب ثلاثة من جداوله في البحر الرومي عند الإسكندرية ورشيد ودمياط، ويصب واحد في بحيرة ملحة قبل أن يتصل بالبحر في وسط هذا الإقليم).

وفي ذلك إشارة إلى فروع النيل وتغيرها في عهد العرب وما بعده عما كانت عليه في عهد البطالسة، فقد زالت المصبات الشرقية كلها تقريباً.

ويقول أيضاً (وعلى هذا النيل بلاد النوبة والحبشة وبعض بلاد الواحات إلى أسوان، وحاضرة بلاد النوبة مدينة دنقلة وهي في غربي هذا النيل، وبعدها علوة وبلاق، وبعدهما جبل الجنادل على ست مراحل من بلاق في الشمال، وهو جبل عال من جهة مصر ومنخفض من جهة النوبة فينفذ فيه النيل ويصب في مهوى بعيد صبا مهولا فلا يمكن أن تسلكه المراكب بل يحول الوسق من مراكب السودان فيحمل على الظهر إلى بلد أسوان قاعدة الصعيد، وكذا وسق مراكب الصعيد إلى فوق الجنادل، وبين الجنادل وأسوان اثنتا عشرة مرحلة، والواحات في غربها عدوة النيل وهي الآن خراب وبها آثار العمارة القديمة).

وفي ذلك إشارة صريحة إلى الشلالات التي تعترض النيل قبيل أسوان والتي تكون بمثابة عقبة، إذ نجد الانحدار شديداً. ويظهر أن المنطقة التي يصفها أبن خلدون هي المنطقة المسماة الآن شلال حلفا، وتبدأ بعد سراسن، ومن بعدها بقليل نجد شلالات جيمي وأبكه وطولها معاً أكثر من ١٦ ك. م، وينحدر عندها النيل انحداراً شديداً. وهذه الجنادل هي التي يطلق عليها عادة شلال حلفاً وهي كغيرها من الشلالات السابق ذكرها يرجع تكوينها إلى اعتراض الصخور البلورية الشديدة الصلابة في مجرى النهر وتتكون منها الجزر.

وأما عند لفظ (واحات) فربما قصد بذلك بقايا المدن الأثرية التي قامت على أنقاضها المدن الحديثة، أو ربما أطلق هذا اللفظ على البلاد الموجودة في هذه المنطقة الجدبة والتي تعتمد على الآبار لبعدها عن النيل.

أما عن قوله إن الحبشة على النيل فربما قصد بذلك الفرع الذي يأتي من بلاد الحبشة وهو الأرجح، إذ يقول: (بلاد الحبشة على واد يأتي من وراء خط الاستواء ذاهباً إلى أرض

<<  <  ج:
ص:  >  >>