استعماله؛ والواقع أن هذا الحق قد قيد فيالعصر الأخير بقيود مازالت في ازدياد. ولكن الهتلريين يرون إلغاء المبدأ ذاته؛ فالملكية الفردية لا يعترف بها، وإنما يعترف بوضع اليد على الأملاك، بشرط إلا يتصرف الفرد فيها إلا في صالح الدولة.
وكذلك الأسرة تحميها نفس المبادئ العامة؛ فإنه يحظر على كل فرد (أن يتلف أو ينقص كفايته لإنتاج النسل).
وقد ذهب الهتلريون بعيداً في تحديد واجب الفرد نحو الأمة، فقرروا أن التضامن إجباري.
تلك هي الأسس الجديدة لهذا التشريع الهائل؛ وقد اتبع المشترعون الألمان إجراءات محاكم التحقيق (التفتيش) لكي يصلوا إلى غايتهم بأية وسيلة، وهي تحقيق خير الجماعة القومية وسيادتها، فجعلوا من القاضي شخصية مطلقة السلطة، وجعلوه مشرفاً دائماً على أخلاق الفرد، فمن يحاول غير الزعماء أن يميز نفسه من المجموع، كان عرضة للقبض والعقاب.
وإذا كان في هذه المبادئ ما يروع، فذلك لأننا منذ عصر الأحياء، ومنذ عصر الثورة الفرنسية بنوع خاص، قد شهدنا القوى الفردية تنمو وتتسع إلى أعظم حد، ولم يفعل الإصلاح الاشتراكي في عصرنا شيئاً لوقفها. واليوم وقد انتهت الفردية إلى هذا الإفراط، فإن الرجعة التي كانت تبدو مستحيلة بالأمس تصبح اليوم محتومة. ذلك أن الحرب، والأزمة الاقتصادية، وروح الأثرة المتسلطة على المنتجين، وكبرياء عظماء الفنانين، قد أدت إلى الرجعة الجماعية الحاضرة؛ وسوف تنتهي هذه النزعة بلا ريب إلى صنوف جديدة من الإفراط، وإلى تناسق لا يطاق. ولعلنا نرى الفردية والنزعة التعاونية وهما النزعتان الجوهريتان المتناقضتان اللتان تتجاذبان الإنسان، تنتعشان، وتشرفان بالتناوب على الحركات الاجتماعية، دون أن يتحقق بينهما توازن ما؛ والتوازن كمال يناقض الحياة ذاتها.