وكتاب مقالات الإسلاميين بحث مستوفى في المذاهب والفرق الإسلامية، لم يستعمل فيه مؤلفه السباب والمهاترة على ما وقع في مثل ذلك ابن حزم والبغدادي وغيرهما ممن كتبوا في مناقشة أهل الأهواء وأصحاب المقالات. فالأشعري عمد إلى لسان العلم يستخدمه في ذكر مقالات مخالفيه، وقد حوى كتابه فوائد تاريخية وسياسية ولاسيما في تدوين وقائع من طالبوا بالخلافة من العلويين في كل عصر، وفي أحكام الإمامة واعتقاد أهل الفرق فيها، وفي الحكمين والحكم عليهما بما فعلا. أطلق في كل ذلك العنان لقلمه حتى لا تكاد تستبين أن المؤلف خالف أصحابه المعتزلة في شيء، بل هو معتزلي تربية ومنشاً وربما جاءه الفيض من الأخذ عن علمائهم، وإلا ففيها عاديا من فقهاء عصره ومحدثيه.
وفي الكتاب وصف دقيق لمسائل علم الكلام وما أختلف فيه أرباب المذاهب، كتبه بلهجة سلسة يتفهما لأول وهلة حتى من ليس له أنسة بمثل هذه الأفكار والعبارات، وذلك لان المؤلف هضم ما تعلمه وتمثله، فوصفه بدقائقه وصفا قرَّبه من الأذهان. وهذه الموضوعات من أبحاث قدماء العلماء، واليوم لا يهتم لها إلا خواص الناس ومن هم بسبيلهم من طلاب العلم الديني.
والكتاب في مجلدين بلغا أكثر من ستمائة صفحة، هذا عدا الفهرس الذي وضعه الدكتور ريتر في أسماء الرجال والنساء، ذكر فيه المكان الذي وردت فيه تراجمهم تسهيلا على القارئ، وهناك فهرس بأسماء الفرق والطوائف، وثالث بأسماء البلدان والأماكن، وقد تجلى التوفيق والعناية في كل صفحة من صفحات هذا الكتاب الذي يعدُّ بلا جدال من الأمهات في هذا الموضوع.
الكتاب الثاني هو (التيسير) في القراءات السبع للإمام أبي عمرو عثمان بن سعيد الداني، نشره العلامة برتزل وقال في المقدمة التي وضعها له بالعربية: (إن علم قراءة القران أقدم العلوم الإسلامية نشأة وعهداً، وأشرفها منزلة ومحتدا، وكان أول ما تعلم الصحابة من علوم الدين حفظ القران وقراءته، ثم لما اختلف الناس في قراءة القران وضبط ألفاظه مست الحاجة إلى علم يميز بينالصحيح المتواتر، والشاذ النادر، ويتقرر به ما يسوغ القراءة به وما لا يسوغ، وقاية لكلماته من التحريف، ودفعا للخلاف بين أهل القران، فكان ذلك العلم