ذهب وفد للمشاركة في مؤتمر نسائي اجتمع في اسطنبول، فنادين باسم المرأة المصرية أنهن راضيات مغتبطات بما اختطه الكماليون للمرأة التركية، وبكل ما فعله الكماليون. وتطوعت زعيمتهن فقالت للغازي مصطفى كمال باشا: إنك تسميت (أتاتورك) وأنا اسميك (أتاشرق)
وليس يهمني هنا أنها منحت الغازي لقباً لا معنى له في اللغة التركية، فأن معنى أتاتورك: التركي الاب، فمعنى (أتاشرق) على هذا القياس الشرق الأب وهو كلام لا معنى له. ليس يهمني هذا الغلط اللغوي ولكني أقول إن الوفد النسائي ما كان يبين عن آراء المرأة المصرية، ومعظم المصريين من نساء ورجال لا يرضون مذاهب الكماليين في المرأة ولا غيرها. ومعظم الشرقيين لا يرضون لأنفسهم مذاهب الكماليين، بل معظم الترك لا يرضونها، فان كانت الزعيمة أرادت أن تقول إن الغازي صار بعمله أباً للشرق كله، فهى أبوة لا يعترف بها الشرق، وهي (أبوة غير شرعية) والكلام فيها كالكلام في الطفل غير الشرعي
لست، يعلم الله، أحاول بهذا توهين المساعي النسائية في مصر، ولا تهوين أمرها على الناس، ولا الزراية على أحد من المتصديات لها، وما أريد لهن إلا الكرامة والرشد، والنجح والظفر، ولكن علينا أن ننصح ما استطعنا وأن نبين الرشد والغي جهدنا، وأن ننادي بالرأي صريحاً في غير محاباة ولا مراءاة؛ فليس من الخير للأمة أن يدهن الناس في أمورها، وان يسلموا للضلال زمامها، وللفوضى قيادها؛ وليس من البر بالنساء المصريات أن ندعهن سائرات على غير هدى، فلا نعاونهن بالنصيحة المخلصة، ونسددهن بالرأي الصريح، فنخذلهن ونقعد عن نصرتهن بالفعل وبالقول، والله يهيئ لنا من امرنا رشداً