نشأ في بيت له نسب عريق في الإسلام. وأنت إذا رجعت إلى تأريخ القضاء في مصر إلى قرن مضى، رأيت لاسم (الرافعي) تأريخاً في كل ديوان من دواوين القضاء والإفتاء. وقبل نزوح الشيخ محمد الرافعي الكبير من (طرابلس الشام) لم يكن معروفاً لمذهب أبى حنيفة أتباع في مصر؛ فهو شيخ الحنفية في هذه الديار غير منازع، وقد تخرج على يديه أكثر علماء الحنفية الذين نشروا المذهب، ومن تلاميذه المرحوم الشيخ محمد البحراوي الكبير؛ كما تخرج على يدي أخيه الشيخ عبد القادر الرافعي كثير منهم، ومن تلاميذ أخيه شيخ الشيوخ الآن فضيلة الأستاذ محمد بخيت مفتي الدولة السابق، مد الله في حياته. وقد مضى زمن كانت فيه وظائف الإفتاء كلها محبوسة على (آل الرافعي)، حتى ذكر اللورد كرومر في بعض تقاريره:(إن من هذه الأسرة أربعين قاضياً شرعياً). . وأبو المترجم له (الشيخ عبد الرزاق الرافعي) كان رئيساً للمحاكم الشرعية في كثير من الأقاليم، وكان رجلاً ورعاً له صلابة في الدين، وشدة في الحق، ما برح يذكرها مع الإعجاب معاصروه من شيوخ طنطا. وبيت الرافعي في (طرابلس الشام) من البيوت الرفيعة وما يزال كعبة يحج إليها العلماء. وأسم (الرافعي) معروف في تأريخ الفقه الإسلامي منذ قرون. . .
فالأستاذ مصطفى صادق الرافعي وأن كان قد تربى تربية مدنية كالتي ينشأ عليها أكثر أبناء هذا الجيل لم يزل بعض أهله؛ وقد حمل عن آبائه الراية يقتحم بها في سبيل الدين، وينافح الشرك، ويدعو إلى الله. وما جهاده في ذلك - على تسلط أسباب الفتنة والزيغ في هذا الزمان إلا حلقة من سلسلة جهاد طويل، أفرغها آباؤه حلقة حلقة منذ انحدر أولهم من صلب الفاروق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. . .
الرافعي الشاعر
أفرأيت الرافعي وهذا منشؤه ونسبه يقنع بالقدر الضئيل من العلم لذا تلقاه في المدرسة؛ ومن أين للرافعي أن يعرف هذه القناعة. . .؟
فما هو إلا أن ترك المدرسة حتى انكب على كتب الدين والعربية يستبطن أسرارها وينبش عن دفائنها؛ فحصل ما حصل من علوم اللغة الدين، وبلغ ما بلغ من أساليب البلاغة وأسرار العربية. وكان في نفس الرافعي هوى قديم أن يكون شاعراً. . . فأخذ يقرض الشعر، أتم طبع الجزء الأول من ديوانه ولما يبلغ الثالثة والعشرين. . . وقدم بين يدي