لأننا نستبدل بالكتاتيب داء الجهل بداء اشد خطراً وهو الغرور
ذر الكتاتيب منشيها بلا عدد ... ذر الرماد بعين الحاذق الإرب
فأنشأوا ألف كتاب وقد علموا ... أن المصابيح لا تغني عن الشهب
هبوا الأجيرة أو الحراث قد بلغا ... حد القراءة في صحف وفي كتب
من المداوي إذا ما علة عرضت؟ ... من المدافع عن عرض وعن نشب
ومن يروض مياه النيل أن جنحت ... وأنذرت مصر بالويلات والحر؟
ومنى يوكل بالقسطاس بينكم ... حتى يرى الحق ذا حول وذا غلب؟
ومن يميط ستار الجهل إن طمست ... معالم القصد بين الشك والريب؟
فما لكم أيها الأقوام جامعة ... إلا بجامعة موصولة السبب
والحق أن حافظاً صورة من النفسية المصرية العامة في هذه الفترة، فترة الانتقال والحيرة والاصطدام في جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فهو على ذلك قد أدى رسالته في الحياة، وقام بواجبه نحو وطنه وشعبه، لأنه بصر بآلامه، وتغنى بالأمل المنشود، والمصلحة المرجوة، ووقع على قيثارة الحنان أناشيد الأسى وأنات البائسين، فجزاه الله كفاء وفائه الجنة وحسن المقام وخلود الذكر