تتحدث الصحف النمسوية في تلك الآونة عن العلامة المربي (البيدا جوجي) جاك دالكروزي وعن نظرياته في التربية، وذلك لمناسبة احتفاله ببلوغ السبعين من عمره. وجاك دالكروزي سويسري الأصل ولكنه ولد في فينا ونشأ بها في ذلك العهد السعيد، عهد شوبرت ويوهان شتراوس؛ ومال إلى الشعر والموسيقى، وظهر بطريف آرائه في التربية. وأنفق مدة الحرب في ألمانيا، ولكن نظرياته لم تلق هناك نجاحاً؛ ثم نزح إلى براج وهنالك ذاعت نظرياته، وأنشئت المدارس والبرامج الجديدة متأثرة بروحها، ويرى دالكروزي أن الموسيقى تولد مع الإنسان، وأن الإنسان ولا سيما الطفل يحملها في أعمق مشاعره؛ ومن ثم ابتكر دالكروزي نوعاً من الرياضة التوقيعية تتأثر بروح الموسيقى التي هي روح الإنسان. وتقوم نظرية دالكروزي الأساسية في التربية على أن الإنسان يستطيع الابتكار بطبيعته، وأن الإنسان هو الذي يخلق نفسه ويكونها، ولهذا يرى أنه يجب أن يعود الطفل الارتجال في القول والعمل؛ وهذه نظرية تخالف رأي بروكنر القائل بأن الإنسان لا يستطيع الابتكار إلا بعد التحصيل والمران الفني، ولكن جاك دالكروزي يبث روح الابتكار في تلاميذه، وينظمه كفن، ويرى أنه خير وسيلة لسرعة البت وتحقيق المجهود، وإدراك الآراء، وهو يصقل الشعور، ويوجد صلة مباشرة بين الروح الذي يتأثر ويوحي، وبين المخ الذي يفكر ويتصور؛ وقد دلت التجارب على أن الطفل يعشق الارتجال، وانه يتفوق في الابتكار أحياناً على الأحداث، وذلك لأن ذهنه لم يكن قد صفد بعد الأصول والقواعد الموضوعة، ولأن ذهنه يتمتع بالحرية الطبيعية
ولنظريات دالكروزي في التربية وتكوين النشء أثر عميق في تربية الجيل الحاضر من الشباب في النمسا وتشكوسلوفاكيا.