للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ذلك يستوي الشاعر والمتشاعر، ويندس في زمرة الشعراء الملهمين من لا يمت إلى الشعر بسبب، وقد نسوا أن الشعر كالموسيقى والصوت الحسن لا ينقاد إلاّ لمطبوع عليه.

رويدكم أيّها الإخوان! فما أنتم ببالغي هذه الغاية! وإن تراءت لكم قريبة المزار، إنّ شعراً يفقد أهم عناصره وهي وحدة الموسيقى لجدير أن تمجه الآذان، وتنفر منه الطباع، وما كان هذا شأنه. فلن يرقى إلى درجة الشعر الصحيح ولن يجد من النفوس إلا احتقارا، ثم لا يلبث أن يقبر في مهده. وانه لخير مما تريدون أن يسمع الإنسان كلاما منثورا منسجما لا تكلف فيه، ولا تتعب أذنه في التوفيق بين أنغام مختلفة متنافرة، لاحظّ لها من الشعر، ولا روح لها من ألفة موسيقية، وان يوماً يستحيل فيه الشعر إلى ما ذهبتم إليه لهو يوم القضاء على الشعر العربي وجناية هذا على الأجيال المستقبلة أخطر مما تتصورون.

ليس يجدي ما تدعون إليه أن يتجلى على الناس في حلّة الشعر وأن يحمل بين يديه قيثارته، فلن تلبث الحلّة الخادعة، أن تبدو مهلهلة شتى الصور والألوان فتقذي بها الأعين، ولن تلبث القيثارة أن تظهر أوتارها المتناثرة فتحجبها الآذان. ولا يلبث ذلك المسمّى شعراً أن يبدو في حلّته عظاماً نخرة، لا تقوى على الهواء فتعود رفاتا سحيقاً، فاعملوا للتجديد إن كنتم صادقين على دعائم ثابتة من القديم، وإذاً يمضي أدبكم العربي المجيد في طريقه قُدُما، ويتسع لما شئتم من جديد نافع.

<<  <  ج:
ص:  >  >>