بالتحقيق العادي وبالتحقيق الاستثنائي، ثم أعدموا حرقاً كما سيجيء؛ ومات اثنان في السجن؛ وحكم على خمسة بالأشغال الشاقة، وبالنفي على ثلاثة وعشرين؛ وأطلق سراح الباقين لا لأنهم أبرياء، ولكن لأن لهم شركاء في التهم المسندة إليهم من أكابر الدولة والسادة وأرفع سيدات البلاط
يقول فولتير في كتابه (عصر لويس الرابع عشر) في حديثه عن قضية السحرة، إن أعظم رؤوس في المملكة استدعوا لإبداء أقوالهم أمام (الغرفة الساطعة) ومنهم ابنتا أخت الكردينال مازاران؛ والدوقة دي بويون، والكونتة دي سواسون والدة البرنس أوجين، والمارشال دي لوكسمبورج؛ وقد كان لهؤلاء جميعاً ولغيرهم من أكابر المملكة علائق ومعاملات مع السحرة
وقد كشف التحقيق عن واقعة أشنع وأفظع هي أن حياة الملك ذاتها كانت موضعاً لائتمار السحرة، وأن التحريض على اغتيالها لم يجيء إلا من أعماق القصر، ومن أقرب المقربين لشخص الملك ذاته
كانت مدام دي مونتسبان حظية لويس الرابع عشر الشهيرة، قد وصلت في ذلك العصر إلى ذروة القوة والنفوذ، وتبوأت في البلاط أرفع مكانة، وبسطت سلطانها على المليك المتيم على مدى أعوام طويلة؛ ولكن حل عهد السأم والهجران أخيراً، ومال الملك عن حظيته القديمة إلى حظية جديدة هي فتاة من وصيفات الشرف تدعى الآنسة دي فونتاج، فلما شعرت مدام مونتسبان بأفول نجمها اضطرمت سخطاً ويأساً، وفكرت في أن تنتقم من الملك وحظيته الجديدة معاً، واتصلت بالساحرة لافوازان وزميلة لها تدعى لاتريانون، فتعهدتا بتدبير مشروع لاغتيال الملك؛ وتعهد الساحران المسممان روماني وبرتران بقتل الآنسة دي فونتانج، وبذلت مدام دي مونتسبان للسحرة مالا وفيراً
وكانت مدام دي مونتسبان إبان نفوذها وسلطانها وثيقة الصلات بلافوازان وشركائها؛ وكانت تلجأ إلى السحرة التماسا لتوطيد نفوذها بفعل السحر والتمائم؛ وكانت هذه الحسناء المتكبرة تنزل عند دجل السحرة، وتقبل الاشتراك في إجراءات السحر الأسود، فترقد عارية أمام أولئك الطغام، وتقوم لافوازان وزملاؤها بإجراء القربان الدموي والسحر الأسود، وتعتقد الحظية الهائمة أنها بذلك تذكي نار حبها في نفس الملك وتوطد دعائم نفوذها