قلنا في صدر هذا المقال إن حركة الخوارج بدأت حركة سياسية ثم تحولت بمضي الوقت إلى حركة دينية. ولذا فان معتقداتهم تدور على وجهين سياسي وديني. فأما معتقداتهم السياسية فتدور حول مسألة الخلافة، ولهم في هذه المسألة مواقف أساسية يخالفون بها السنة والشيعة. فهم مثلا لا يقيدون جنسية الخليفة ولا يمانعون في أن يكون حتى زنجياً، بينما أن السنيين لا يجيزون سوى انتخاب قرشي للخلافة. أما الشيعة فيذهبون إلى أبعد من ذلك ولا يعترفون إلا بالخليفة الذي هو من آل البيت
ولا يرى الخوارج أن من الضروري وجود خليفة على رأس الأمة إذا انتظمت أمور الرعية، بينما أن الشيعيين يقولون بوجوب بقاء الإمام في كل عصر ودهر. أما السنيون فليس عندهم إجماع عام على هذه المسائل
وليس الخليفة معصوماً عن الخطأ كما هو الحال عند الشيعة، فهم يجوزون القيام عليه حتى قتله إذا بدا منه اعوجاج أو عدل عن الصراط المستقيم الذي يتحتم على الخلفاء أن يتبعوه. وهم لا يعترفون من الخلفاء الراشدين إلا بالشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ولا يعترفون بالخلفاء الأمويين والعباسيين وأصحاب موقعة الجمل أي طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام
معتقدات الخوارج الدينية
أشرت آنفاً إلى التصلب الديني الشديد الذي اشتهر به الخوارج، فهم يطلبون من المؤمن أن يقرن إيمانه بالعمل الحسن إذا أراد الثواب، لأن الإيمان وحده غير كاف لدخول جنة الفردوس. ويكفر الخوارج صاحب الكبيرة، فهم بذلك على عكس فرقة المرجئة التي ترجئ تكفير المؤمن إلى يوم القيامة. ويذهب الأزارقة - ومذهبهم أشد مذاهب الخوارج تصلباً - إلى أن مخالفيهم مشركون، ودرجة الإشراك عندهم أشد وأدهى من درجة الكفر، فهم يستبيحون قتل مخالفيهم مع نسائهم وأولادهم
ومن الغريب أن هذه الفرقة المتعصبة لمذهبها، الصلبة في معتقداتها، القاسية على إخوانها من المسلمين متسامحة مع اليهود والنصارى وغيرهم من الذميين. والبعض من الأزارقة يعتبر غير المسلم مؤمناً إذا أعترف برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العالمين.