فلا يمنع أن يكون إلى جانب إحساسه بمعنى (المصرية) إحساس آخر بمعنى (الإسلامية) على أنها الوطن الأكبر، كما لا يمنع الطنطاوي أن يكون إلى جانب حبه (طنطا) حب أعمق يشمل (مصر) كلها؛ فإذا تحدث الرافعي عن الشام، أو العراق، أو بقعة أخرى من الوطن الإسلامي، فما يعني ذلك أنه قد خلع مصريته
والوطن عند الهمجي دار تؤويه، وحقل يغل عليه، وكلما زاد الإنسان في معنى الإنسانية انبسطت له رقعة الوطن، فمن ثم كان الوطن فيما يرى الإنسان المسلم هو كل أرض يخفق فيها لواء الإسلام، وما مصر، والعراق، والشام، والمغرب، وغيرها إلا أجزاء صغيرة من هذا الوطن الإسلامي الأكبر، كالأقاليم من الدولة، والمناطق من الأقاليم، والشوارع من المنطقة، والدور من الشارعن، والغرفتين من الدار، حين يتدابر الأخوان وتدب بينهما الشحناء التي توشك أن تنسيهما أنهما أخوان لأب وأم. . .!