وغيرها وغيرها؛ فيصف عن المرأة والحب، ويتحدث في ذلك حديث الرجل الذي عرف وذاق وجرب، ولبس المرأة ولبسته، واستبدل قلباً بقلب، وتقلب بين مجالس ومجالس، وسمع (لا) بمعنى (نعم)، و (إليك عني) في موضع (اتبعني يا حبيبي)؛ والذي يترجم معنى النظرة والابتسامة وما بعدهما. . .!
وإنك لتراه أحياناً يمزج بين حديث الحب وحديث الدين، ويصل بين وحي السماء ووحي العيون الدعج. . . . فتسأل: أي رجل هو؟
ولقد خالطته زماناً، فإني لأعرفه عرفاني لنفسي، فما وجدته في حاليه إلا الرجل العف الكريم، ولكن له عالماً من وراء هذا العالم، يصل إليه في سبحات فكرية لطيفة، ليستوحيه من معاني المرأة ما لا سبيل إلى معرفته في دنيا الناس. ولو أنك أردت أن تسأله مرة: أي رجل أنت؟ لما جاءك الجواب إلا أنه رجل وحسب. . .!
وتسأل نفسك: هل عرف الرافعي الحب فخف بجناحيه إلى تلك العوالم غير المنظورة ينقل عنها فلسفة الجمال والمرأة والحب. . .؟ فاستمع إليه يقرر:(إن النابغة في الأدب لا يتم تمامه إلا إذا أحب وعشق. . .!) ثم ارجع إلى كتبه الثلاثة: رسائل الأحزان، والسحاب الأحمر، وأوراق الورد؛ لتعرف (إنها كانت عواطف ثارت وقتاً ما، ليحدث منها تاريخ؛ وسكنت بعد ذلك ليحدث منها شعر وكتابة. . .)
ولكن، من تكون تلك الفتانة التي تيمها وتيمته زماناً، (هي بروعتها ودلالها وسحرها، وهو بأحزانه وقوته وفلسفته. . .؟)
ذلك سره هو، أو سرها هي. . .!
وطنيته:
وللرافعي رأي في معنى (الوطن الإسلامي)، والوطنية الإسلامية، تلمحه في كثير مما يكتب، قوامه (أن يظهر المسلم الأول بأخلاقه وفضائله في كل بقعة من الدنيا مكان إنسان هذه البقعة، لا كما نرى اليوم؛ فان كل أرض إسلامية يكاد لا يظهر فيها إلا إنسانها التاريخي بجهله وخرافاته وما ورث من القدم، فهنا المسلم الفرعوني، وفي ناحية المسلم الوثني، وفي بلد المسلم المجوسي، وفي جهة المسلم المعطل. . . وما يريد الإسلام إلا نفس المسلم الإنساني. . .)