الحياة المقيدة في بدء الأمر، إلا أنه عاد فألفها وتشبع بروح ذلك المكان بعد أن جالت في ذهنه صور الشعراء الذين قضوا قسما من حياتهم فيه. فقد أمده خياله الخصب بعالم روحي مطلق يعيش فيه ويستأنس بأهله لما لم تتح له الظروف أن يعيش طليقاً في الحياة. ولقد كان يتردد على أهله في بيرنث أو في هوكشد كلما سنحت له الفرص. وجرى له ذات يوم حادث غريب كان له أثر بعيد في حياته الأدبية، إذ بينما كان يتسلق أحد التلال في هوكشد رأى رؤيا غريبة ظن أنه أوحى إليه فيها بالعمل العظيم المعد له. وقد ورد ذكر هذا الحادث باختصار في قصيدته (الفاتحة) ولا نعلم عنه أكثر من ذلك
رحلته الأولى:
اتفق شاعرنا وصديقاً له على القيام برحلة كبيرة في جبال الألب في إحدى فرص الصيف، وكان ذلك على أثر انتشار الأخبار الأولية عن الثورة الفرنسية. أستأجر الصديقان سفينة وأبحرا فيها إلى ميناء كاليس ونزلا في اليوم الذي حلف فيه لويس السادس عشر يمين الإخلاص للدستور الجديد. ومن ثم قصدا الجنوب إلى بحيرات إيطاليا وسويسرا، فصرفا على شواطئها بعض الوقت الممتع، ثم قطعا سمبلون ومن هناك كارا عائدين إلى الأوطان، وفي طريقهما لقيا جيوش الثوار ناشرين لواء الحرية ومنتضين سيف العصيان على الملكيين. ولقد كان لهذه الرحلة أثر كبير في نفس وردزورث، إذ أوحت إليه بروح شعرية وثابة ونفس متمردة تنزع إلى الحرية وتطلب التجديد، فلا غرو إن انتصر للثوار الفرنسيين ورفع صوته معهم منادياً بسقوط باستيل الاستعباد
في فرنسا مرة ثانية:
ما كاد الشاعر يتسلم شهادته من كمبردج حتى عن له أن يزور فرنسا مرة ثانية ليتصل بالثوار الذين تشبعت نفسه بمبادئهم في رحلته الأولى. شرع في ذلك ماشياً سنة ١٧٩٠، فمر بباريس عش الثوار حيث قضى بضعة أيام يرصد في أثنائها حركات الثوار عن كثب، ومن ثم رحل إلى أورليان فبلوا حيث تعرف بابنة جراح فرنسي اسمها أنيت فالون وأقام هناك برهة يتعلم عليها مبادئ الفرنسية. ولقد كانت هذه الفتاة على حظ وافر من الجمال مما استهوى شاعرنا وأوقعه في الشرك، فوضعت على أثر ذلك طفلة. رأى وردزورث أن