- (يا خبيث. .: اصمت)
وأشار الشيخ بيده إلى السماء فأربدت وتكلحت وأورى برقها وقرقع رعدها، وانصبت ميازبها بماء منهمر. وانطلقا إلى القرية. . .
ووقفا عند منزل فخم ضخم ذي شرفات، فقال الشيخ:
- (تشبث يا بني بأحياد الحائط حتى تكون عند النافذة، فانظر ماذا ترى)
وفعل الفتى، ونزل، وقال للشيخ:
- (أبتاه! نسوة عاريات يرقصن، وندامى وخمر، و. . . موسيقى. . . وفتيان وفتيات. . . . و. . .)
- (وماذا يا صغيري العزيز؟)
- (ودعارة وعهر يا أبتاه. . . . لماذا جئنا هنا؟ لماذا جئنا هنا؟. . .)
- (قلت لك جئنا لأريك عجباً هذه الليلة من طباع الناس، هلم إلى باب المنزل)
وطرقا الباب، فبرز لهما فتاىً غرانق وقال: ماذا؟ شحاذان قذران!) فقال الشيخ:
- (على رسلك يا بني. أنا رجل شيخ غريب، وهذا ابني، وقد دهمتنا العاصفة فلجأنا إليكم نرجو أن تضمنا غرفة صغيرة إلى الصباح، ونطمع أن نتبلع لديكم بلقمات. . .)
- (غرفة ولقمات؟ ها ها. . . اذهبا اذهبا. . . لصوص! هذه حيل قطاع الطريق والسفاحين بلوناها من قبل)
ثم قذف بمصراع الباب في وجهيهما. فنظر الشيخ إلى ولده وقال: (أرأيت؟ سر إلى هذا البيت القريب)
وقال لابنه: (هلم إلى النافذة فانظر. . .)
وتسلق الفتى وحملق قليلاً، ثم قفز وقال: (أبتاه! أناس يخزنون الذهب في خواب عظيمة ويختمون عليها بالرصاص المذاب؛ من أين لهم هذا الذهب كله يا أبي؟. .) فقال الشيخ: (هم لصوص يا بني، وإن كانوا لا يقطعون طريقاً، ولا يسطون على دار؛ ولكنهم يمتصون دم الفقير والمعتر، ويصهرونه ذهباً ويكنزونه هكذا؟! إنهم أصحاب هذه الضياع والبساتين! هلم إلى بابهم. . . . . .)
وطرقا الباب، وسألا طعاماً، ومبيت ليلة، فقالت لهم العجوز صاحبة الدار: