ووقف زيوس، وأشار بيده إشارة خفيفة إلى الشرق، ثم إلى الغرب، ثم إلى الجنوب، ثم إلى الشمال؛؛؛ ثم نظر إلى فوق وتمتم بكلمات، وجلس
وما كاد يفعل حتى رقصت الأرض، وسمع كأن الجبل القريب يندك، وكأن الصواعق تنقض على المنازل فتقوضها، وتنقلب القرية إلى جحيم ملتهب، وكلما أطل فيلمون أو أطلت امرأته من الكوة سرت فيهما رجفة أروع من رجفة الزلزال، فيطمئنهما زيوس
- (الكوخ يا إلهي! أنا رجل فقير!)
- (مال كوخك يا فيلمون!)
- (إذا انهدم عشت في العراء!)
- (لا عليك! فلن تقوض الزلازل إلا قصور العتاة؟)
وأشرقت الشمس، فنهض الإله الأكبر، ونهض الجميع معه. وما كاد فيلمون يفتح باب كوخه الحقير حتى أخذه العجب وارتد على عقبيه مذعوراً:
- (مولاي! لمن هذا القصر المشيد؟)
- (هو لك يا فيلمون، أمرت الآلهة فبنى لك في ساعة السحر جزاء كرمكما. هلما نشهد غرفاته)
وانطلق الجميع يتنقلون في غرفات القصر وردهاته، وكلما مر فيلمون وزوجه بتمثال إله سجدا واخبتا، حتى إذا كانوا في أكبر ردهات القصر، وقف زيوس وقال:(فيلمون! هذا هيكلي! وقد جعلتك كاهني الأكبر، فتمن الآن علي، فسأجيبك إلى كل ما تطلب)
فتبسم فيلمون وقال:(مولاي! الشباب يا مولاي! ليعد الشباب إلي وإلى زوجي بوسيز، ولنعش طويلاً فإذا جاء وعدك فلنمت في يوم واحد في ساعة واحدة!) وسجد يقبل الأرض بين قدمي الإله الأكبر!
فقال زيوس:(انهض يا فيلمون فطلبك مجاب، وستعيشان راغدين!)
وسلم الإلهان وغابا عن الأنظار، وخرج فيلمون وزوجه ليريا إلى القرية، فلم يشهدا شيئاً غير بحيرة تعج أمواجها، وجزيرة كبيرة خضراء في وسطها قصرهما المنيف! فآمنا بزيوس وسبحا له!