وأدخل القصر فأسمع عمرا ابنه يقول له: لو نزلت إلى المدينة!
فيقول له سعيد: يا بني إن قومي لن يضنوا علي بأن يحملوني على أعناقهم ساعة من نهار، فإذا أنا مت فآذنهم؛ فإذا واريتني فانطلق إلى معاوية فانعني له، وانظر في ديني، واعلم أنه سيعرض قضاءه فلا تفعل، ولكن اعرض عليه قصري هذا، فإني إنما اتخذته نزهة وليس بمال
وما هي إلا أن يموت فيحمله الناس من قصره حتى يدفنوه في البقيع. ورواحل عمرو بن سعيد مناخة، فيعزيه الناس على فبره ويودعونه، ويمضي من ساعته إلى معاوية فيكون أول من ينعاه له. فيتوجع له معاوية ويقول: هل ترك دينا؟
فيقول: نعم، فيقول معاوية: هو علي
فيقول: قد ظن ذلك وأمرني ألا أقبله منك، وأن أعرض عليك بعض ماله فتبتاعه، فيكون قضاء دينه منه
فيقول: اعرض علي
فيقول: قصره بالعرصة
فيقول معاوية: قد أخذته بدينه
قال نوفل أبن عمارة: وكان دين سعيد ثلاثة آلاف ألف درهم، فاشترى معاوية القصر بألف ألف درهم، والمزارع بألف ألف، والنخيل بألف ألف درهم
فيقول عمرو: هو لك على أن تحمله إلى المدينة، وتجعلها بالوافية.
فيحملها له إلى المدينة، فيرقها عمرو في غرمائه، وكان أكثرها عدات وعدها سعيد، فيأتيه شاب بصك فيه عشرون ألف درهم بشهادة سعيد على نفسه، وشهادة مولى له عليه، فيرسل عمرو إلى المولى فيقرئه الصك، فيبكي حين يقرؤه ويقول: نعم، هذا خطه وهذه شهادتي عليه
فيقول عمرو: ومن أين لهذا الفتى عليه عشرون ألف درهم؟ وإنما هو صعلوك من صعاليك قريش.!
فيقول المولى: أنا أخبرك: مر سعيد بعد عزله فاعترض له هذا الفتى، ومشى معه حتى