فاحتد الرجل وصاح به:(إنها. . . إنها. . . ألا تنوي أن تفتح؟)
وعالج الباب، ولكنه كان موصدا من الداخل، فأعياه فتحه، فارتد إلى نافذة حامد وقال بصوت اجتمع له الناس:
(افتح. . . أقول لك افتح. . . أخرج هذه الفتاة)
وصار المحتشدون على الرصيف جمعا حافلا، وأكثرهم من العامة والنوبيين، والصبيان، وسائقي السيارات المختلفة، وعلت أصواتهم بالنكات والضحك، فزاد الرجل حماقة، وجعل يدق الباب بجمع يده، وتهور فوضع قدمه على سلم السيارة وهم أن يدخل رأسه من نافذتها لينظر، فلم يبق مفر من عمل يعمله حامد ليدفعه عنه ويتخلص منه؛ ولو غيره في مكانه لكان الأرجح أن يلكمه، ولكن حامد لم ير أن يتقي شرا بشر، واكتفى بأن يطير له طربوشه عن رأسه، فطار عقله وراءه، وارتد عن السيارة لينقذه من التراب البليل - أو الوحل - وسر الناس هذا المنظر فضحكوا، وقهقهوا، واغتنمها الصبيان فرصة فاقبلوا على الطربوش يدفعونه بأرجلهم كأنه كرة ويصيحون ويصخبون، والرجل يسبهم ويلعنهم ويحاول أن يدرك واحدا منهم، ولكنه ثقيل وهم خفاف، فكف، وعاد إليه الرشد مع التعب، ونظر فإذا السيارة قد غابت!