الذي كان زعماؤه (المطهرين)؛ والمدرسة الكلاسية المنمقة الأسلوب كانت صدى لمجتمع القرن الثامن عشر المنمق الآداب والأقوال المتهافت على حياة المدن المزدري بمظاهر الطبيعة؛ والمدرسة الرومانسية في مستهل القرن التاسع عشر كانت تعبيرا في عالم الأدب عما عبرت عنه الثورة الفرنسية إذ ذاك في عالم السياسة: من نزعة إلى التحرر من قيود المجتمع وأغلال الفكر والعودة إلى الطبيعة ما أمكن؛ والمدرسة الواقعية التي تلت ذلك كانت متأثرة بالاستكشافات العلمية البعيدة المدى التي شهدها القرن الماضي. وقد تتابعت هذه المدارس جيلا بعد جيل وكانت كل واحدة منها ثورة على سابقتها تحاول إصلاح معايبها وتدارك ما أهملته
هكذا تطور الأدب الإنجليزي مع تطور السياسة والعلم والدين، وكذاك تطور الأدب العربي: فلغة الجاهلية الوعرة تلتها لغة صدر الإسلام الفحلة، فللغة الصدر العباسي الجزلة، ثم جاءت بعد ذلك لغة لينة مبالغة في اللين والأناقة، والأسلوب المرتجل المرسل تلاه الأسلوب الفني المتعمل المرصع الذي تزايد تعمله وترصيعه شيئا فشيئا؛ وتطورت أغراض الأدب وشملت من أسباب الحضارة ما لم تشمل قبل: من شؤون الإمارة ومظاهر الترف وآثار العلم والفلسفة؛ وتطورت أشكاله: فظهرت كتب التراجم والأخبار والنقد والمقامات والرسائل المطولة. فالأدب العربي قد تطور تطورا عاما اتجه إلى ترقيق العبارة وتوسيع أغراض القول، وكان مرجع هذا التطور العام هو تحضر أبناء العربية واشتغالهم بالعلوم
ولكنه تطور عام غير محسوس كتلك التطورات السالف ذكرها في مجرى الأدب الإنجليزي؛ ومعظم أغراض الأدب العربي وصفاته توورثت جيلا عن جيل: فأغراض الفخر والمدح والهجاء والرثاء ونحوها في الشعر ظلت أبوابا ممتازة محددة يتبارى الشعراء في تناولها ولا تتم لأحدهم البراعة حتى يطرق كلا منها؛ وكتب الأخبار الأدبية والتاريخية المختلطة ظلت على وتيرة واحدة من أول ظهورها لا يختلف بعضها عن بعض في طريقة البحث والسرد وتهذيب الأبواب والفصول
ولا غرو فقد كانت تحيط بالأدب العربي ظروف كلها تدعوا إلى المحافظة والتقليد: فالمجتمع العربي ذاته كان مجتمعا محافظا لم يكد يطرأ عليه جديد من الأفكار والأنظمة بعد