فلا غرو إذن أن نجد شاعرنا وشقيقته بعد تبادل مثل هذه العواطف مع كولدرج ينزحان إلى قرية صديقهما غب زيارته لهما بشهر. هناك وجد كل منهما له في الآخر مكملا. فبينا كان كولدرج رجل خيال وأحلام، كان وردزورث شاعر الطبيعة والحقيقة. وليس أحوج من المصادقة بين الشعراء إلى التباين في الأهواء والأذواق الأدبية والفنية
وما كاد يستتب أمرهما حتى شرعا في مراسلة (نيو منثلي مقزين)، فساهما في نظم قصة موضوعها (الملاح القديم أما مصدر هذه القصة فهو حلم قصة عليهما أحد الأصدقاء فرأيا أن يحوكاه في قصة شعرية. غير أنهما عدلا عن الاشتراك في نظمها لما لقياه من المشقة في اقتسام مواضيعها الرئيسية. فقد قررا أولا أن ينظم وردزورث الأجزاء التي تتجلى فيها الأشياء والحوادث عادية مألوفة، وأن يقتصر كولردج على ما يعتمد فيه على الخيال الرائع والتصوير الشائق. ولالتباسهما في التمييز ما بين هذين النوعين من الفن آثر كولدرج أن يختص بنظمها وحده، ففعل ذلك بعد أن نظم وردزورث بضعة أبيات منها. ويعزى إلى وردزورث استنباط الطائر الميمون أحد أبطال هذه القصة. أما الفلسفة التي تتضمنها هذه القصة فهي أن يحب الإنسان ما على الأرض على السواء حيوانا كان أو إنسانا أو جمادا، ما دامت كلها من خلقه تعالى
ولقد عزم الشاعران على دراسة اللغة الألمانية والإلمام بثقافتها ذريعة إلى تفهم فلسفتها الغنية. لهذا قررا السفر إلى ألمانيا، بيد أن أحوالهما المادية كانت مضعضعة إلى حد رأيا معه أن يسدا عوزهما عن طريق النشر. لهذا أصدرا في سبتمبر ١٧٩٨ مجلدا جامعا لأشعارهما أسمياه (قصص شعرية غنائية) ولم يكن لكولدرج فيه غير ثلاث قصائد إحداها (الملاح القديم) ولسوء الحظ لم يصادف الكتاب رواجا كبيرا في بدء الأمر، كما يظهر من رسالة بعثت بها سار زوج كولدرج إليهما بعيد سفرهما إلى ألمانيا تقول فيها من ضمن ما كتبته لهما (لم يلق الكتاب الإقبال المرجو)
سافر الشاعران ودوروثي إلى ألمانيا مخلفين زوجة كولدرج وأطفالها في رعاية بول أحد أصدقائهم. وقد رأوا أنهم بانفصالهم يقلون من المحادثة باللغة الإنكليزية ويكثرون من ممارسة اللغة الألمانية، لهذا قصد كولدرج راتزبرج ليقضي هناك بقية الشتاء؛ أما