ما ضرني أن لم أجئ متقدماً ... السبق يعرف آخر المضمار
وإذا اغتدى ربع البلاغة بلقعا ... فلرب كنر في اسار جدار
وهذا سبق قلم من الكاتب؛ والبيتان هما خاتمة قصيدة لشاعر المغرب والأندلس في وقته غير مدافع أبي عبد الله لسان الدين ابن الخطيب: دفين فاس؛ وقد أثبتهما معزوزين إليه معاصره وصديقه أبو القاسم محمد الشريف الغرناطي في شرحه لمقصورة (حازم)؛ وكذلك أثبتهما له من المتأخرين أبو العباس المقري في النفح؛ وابن الخطيب هذا أحد مفاخر المغرب وشعرائه المكثرين، وله من الشعر ما يملأ الدنيا على سعتها، توقن بهذا إذا ما علمت أنه جمع مطولاته خاصة في ديوان أسماه (الصيب والجهام، والماضي والكهام) في سفرين، وجمع مقطوعاته خاصة في ديوان سماه (فتات الخوان، ولقط الصوان)، واختار من مطالع ماله من الشعر سفرا دعاه (أبيات الأبيات)، وجمع موشحاته وغيرها من الموشحات التي عرضها في سفر أسماه (جيش التوشيح)
وقد نقبت فيما أعلمه من المكاتب العامة والخاصة علني أعثر على كنز من هاته الكنوز الثمينة فلم أفلح!
ثم دعاني هذا إلى أن أزمعت منذ حين على جمع ما يمكنني الوصول إليه من شعر هذا الشاعر، فاجتمع لدي من ذلك - بعد إفراغ الجهد وطول المراجعة - نحو الثلاثة آلاف بيت، جمعتها مما أمكنني الإطلاع عليه من كتب لسان الدين وغيره من الذين عاصروه أو شغفوا به فعنوا بجمع أخباره، والتقاط كتاباته وأشعاره، ما بين مخطوط منها ومطبوع؛ وسأتربص طويلا علني أصل إلى ما لم يمكني الوصول إليه من شعر هذا الشاعر فأضيفه إلى ما جمعته، وأطبع الجميع مع مقدمة أقصر فيها القول على تحليل شاعرية لسان الدين، وبهذا نصل إلى معرفة شاعر كبير قد جهلناه زمنا طويلا. . . .
فاس (المغرب الأقصى)
أحمد بن المليح
أرنولد تسفايج
يقيم منذ عامين في فلسطين كاتب من أعظم كتاب ألمانيا المعاصرين هو القصصي الأشهر