فإذا كان الديوان الغربي موجوداً بتمامه ضمن الديوان الشرقي، وبذا يتسنى عزف أية قطعة غربية على أية آلة موسيقية شرقية، مع أنه في كثير من الآلات الغربية لا يمكن عزف أغلب القطع الشرقية. . . وإذا كانت الأرباع الشرقية تتيح ثروة جديدة في علم الأنغام زيادة على الثروة التي نحصل عليها من الأنصاف وحدها، وبذا يتسع المجال أمام الملحن ويمكنه أن يعبر بلحنه عما يشاء. . . . فهل من الحكمة أن نلجأ إلى الديوان الناقص ونترك الديوان الكامل. . .؟
إن كل مزايا الديوان الغربي موجودة في ديواننا الشرقي، وفوق ذلك فإن لديواننا مزايا أخرى عندما نستعمل الأرباع الصوتية، فلا شك حينئذ في أن قرار الحكومة التركية إلغاء الأرباع الشرقية في الموسيقى لم يكن لعيب في هذه الأرباع بل إتماماً للخطة التي رسموها من البعد عن كل ما هو شرقي أو يمت للشرق بصلة. .
الآن. . وقد ظهر للملأ تصرف الحكومة الكمالية وتنصلها من كل ما يقربها من الشرق سواء كان ذلك في الدين أو العلم أو اللغة أو الفن أو الأخلاق والتقاليد، فليس من الخير أن يقتصر موقفنا على مراقبة أعمال هذه الحكومة وعلى مناشدة الكتاب والمفكرين أن يتعاونوا في هذه السبيل (حتى يجلوا عن الأمة هذه الغمة، ويدفعوا عنها هذه الفتن المدلهمة، والشُّبه المضلة، ثم يسيروا بها على المحجة البيضاء إلى الغاية المجيدة) كما يتمنى الأستاذ الفاضل الدكتور عزام، بل يجب أن نفكر تفكيراً جدياً في نقل الفنون الشرقية من تركيا كي نحافظ عليها قبل أن تعفو ويطويها البلى
فإلى مفكري الشرق العربي أرسل هذه الصيحة راجياً أن يولوها حقها من الاهتمام، وأهيب بوزارة المعارف المصرية أن ترسل إلى تركية بعثة من طلبتنا النجباء كي يدرسوا فنون الموسيقى الشرقية الصميمة، وينقلوا لنا كل ما تصل إليه أيديهم قبل أن تتلاشى هذه الفنون ويتم حلول الموسيقى الغربية محلها، وذلك أسوة بالبعوث التي ترسها إلى أوربا؛ وهناك يتشبع الطلبة بالموسيقى الغربية ولا يكونون في المستقبل حرباً على الموسيقى الشرقية التي من العار أن تنهض على حساب الموسيقى الغربية أو تتلوث بدماء دخيلة فيتعكر صفاؤها. .