اجتمع الغانيات حول التفاحة كل تريدها لنفسها، وكل تدعي أنها أجمل من في الحفل جميعاً. . . ثم ساد صمت عميق حين نهضت حيرا ومينرفا وفينوس، ميمماتٍ شطر الجهة التي يتنازع فيها الغانيات من سائر الربات على التفاحة الثمينة. . .
- (أنا حيرا العظيمة، مليكة الأولمب، وصاحبة الحول والطول فيه، وآثركنّ إلى قلب الإله الأكبر، أنا، أحقكن بهذه التفاحة العلوية، وأعرفكن بقدرها. . . سأضمها إلى تفاحات هسبريا، فهي بهن ألبق، وهن عليها أحفظ. . . سيعلقنها مع أخواتها الثلاث لتزدان بها حدائقهن. . .)
- (أنت تفاخرين بملك الأولمب، وبالجاه والسلطان؟ إذن أين جمال الحكمة، وأبهة الموعظة الحسنة، وجلال الرأي السديد؟ بل أنا. . . مينرفا. . . ربة الهدى والسبيل الحق. . . أحق منك بهذه التفاحة. . .)
- (فيم تختصمان يا أختي العزيزتين؟ أليس قد كتب الحكم على التفاحة نفسها؟ أليست هي للأجمل؟ أولست أنا. . . فينوس جميعاً. . . ربة الجمال؟ لِم تربعت على عرش الفتنة إذن؟ هي لي من دونكما!. . .)
واختلف الآلهة، وساد هرج ومرج، ولم يجسر أحد ممن احتشد حول الخوان أن يفوه بكلمةٍ يفضل بها إحدى الرَّبات الثلاث حتى لا يقع في سخط الأخريين، وحتى لا يكون أبداً عرضة لنقمتهما. . .
وتفرق الجميع بدداً
وقصدت الربات الثلاث جبلاً شامخاً يشرف على البحر فتلبَّثن به، واتفقن على أن يفصل أول عابر، مهما يكن شأنه بينهن في أمر التفاحة، وتعاهدن، بالإيمان المغلَّظة، أن يخضعن لحكمه، وأن تكون كلمته فصل الخطاب فيما اختلفن فيه
وتنظرن طويلاً؛ وكان البحر يضطرب من تحتهن فيقذف باللآلئ والمرجان، كأن إلهاً حاول أن يشبع نهم الربات بالجواهر الغالية فلا يتشاجرن من أجل تفاحة، ولكنهن ما كن يأبهن لحصباء الدر المنثور على الشاطئ، بل ما كانت أعينهن تريم عن لُقية إيريس!!
وكانت عروس فتانةٌ من عرائس الماء تعلو وتهبط مع الموج ولا تفتر تحدق ببصرها في الجهة التي جلست بها الربات يتربصن. . .