للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكانت إيونونيه من غير ريب! وكان الجبل مُستراد باريس الذي يُريح فيه قُطعانه، ثم ينطلق للقاء حبيبته، فيتباثان ويتشاكيان

وأقبل باريس يشدو لشأنه ويغني، فزلزل قلب إيونيه، وهلعت نفسها، وفرقت على حبيبها فرقاً شديداً، ذلك أن أخبار النزاع الذي انتهى إليه يوم الزفاف من أجل تفاحة إيريس قد ذاعت وشاعت، وتسامع بها كل عرائس البحار؛ فلما عرفت إيونونيه ما اجتمع الربات في هذه الناحية من الجبل من أجله، اضطربت أيما اضطراب، وقلقت على باريس أيما قلق. لأنه وحده هو الذي يجوز بهذا الطريق، حين ينفذ إليها يحلمان ويتناجيان. وكان مصدر قلقها هو ما عساه أن يجره على نفسه - إذا قضى بينهن - من سخط الربتين اللتين لا يقضي لهما بالتفاحة. . .

- ٥ -

وصاحت حيرا: (قف أيها الراعي الجميل فاحكم بيننا فيما نحن مختلفون فيه. تلك تفاحة من الذهب ساقتها السماء إلينا منحة منها لأكثرنا جمالاً وأسطعنا رونقاً، وأنا - حيرا - مليكة الأولمب وذات الحول والطول فيه، وربة التاج والصولجان، وصاحبة القوة والسلطان، وآثر أزواج ربك، كبير الآلهة؛ واحبّهن إليه. . . أنا - حيرا ذات الجبروت - وولدي مارس إله الحرب، ورب الطعن والضرب، أقوى أبناء زيوس العظيم. . . وولدي فالكان كذلك، إذا شئت سرد لك الدروع من حديد فتصبح سيد أبطال لعالم، لا يشق لك غبار، ولا يجري معك في مضمار! إذا خضت حرباً حماك مارس وأيدك، ونصرك فلكان وآزرك. . . ألست ترى أيها الراعي الجميل أنني أحق من هاتين بتلك التفاحة؟ أنا - حيرا مليكة الأولمب - سأمنحك الثروة التي لا تفنى، والسلطان الذي لا يبيد. . . سأجعلك ملك هذه الديار التي ترى. . . ستكون صاحب عرش وتاج، وستستريح إلى الأبد من هذه الحياة الضنك التي تحياها. . . أنت جميل يا فتى. . . وأنت بعرش عظيم أولى منك بهذا القطيع الذي يثغو. . .)

وصمتت حيرا. . . وجع باريس يقلب في التفاحة ناظريه، وفي قلبه مما رأى وسمع فرَقٌ عظيم. . .

لقد كانت حيرا تختال في ثوبها الأولمبي الموشى، وكان طاووسها الجميل - الذي اتخذته

<<  <  ج:
ص:  >  >>