منذ الأزل رمزاً لها - يتشبث بناصيتها ويميس، فيزيدها جلالاً وكبرياء
- وأوشك الفتى الراعي أن يقدم التفاحة لحيرا، لولا أن صاحت به مينرفا:
- (على رسلك أيها الشاب. . . اسمع منا جميعاً ثم اقض بيننا. . . أنا لن أزخرف عليك بملك ولا سلطان، فأنت أعقل من أن تنخدع للعرض الزائل، وأعلى من أن يهيمن جسمك على عقلك، وهواك على قلبك. . . أنا مينرفا ربة الحكمة وإلهة الروح الأعلى المقدس. . . سأمنحك السداد، وسأكشف لك حجب الجهالة، وسيضيء مصباح المعرفة بين يديك فتكون أهدى الناس، وأعلم الناس، وأحكم الناس. . .)
- وسكتت مينرفا؛ وسمع هاتف من جهة البحر يصيح:
- (باريس! أعطها لمينرفا يا باريس. . .)، وكانت أيونونيه ما في ذلك شك!!
وكاد باريس يلقي بالتفاحة في يدي مينرفا. . . لولا أن تقدمت فينوس الصنَاع. . . فينوس الحلوة. . . فينوس الساحرة. . . فينوس ذات الدل. . . فينوس التي تكفي غمزة ماكرة من طرفها الفاتر الساجي لإذلال ألف قلب. . . . . . لولا أن تقدمت فينوس كلها تطارد قلب باريس وتحاصر عينيه حتى ما يقعان إلا على عينيها. . . . . . . . . تقدمت فينوس ترنو وتبتسم، وتتبرّج وتهتز، وتشد هذا الثدي وتثني هذا الذراع، وتميل برأسها الذي كله خدود وعيون وأصداغ. . . تقدمت فينوس تبسم للراعي الجميل عن فم حلو رقيق، تتلألأ ثناياه، ويتضوع عبير خمره، وقالت:(باريس! هل لك عينان تعرفان الغزل، وقلب يعرف الحب؟. . . باريس! أنا فينوس التي صليت لها بالأمس، والتمست منها التوفيق. . . هاأنا ذي يا باريس. . . أليست التفاحة للأجمل! ألست تحب أن أهبك أجمل زوجة في العالم؟ ستكون زوجتك مثلي، تغمرك بجمال لا نهائي لا حدود له، ولن تشعر معها إلا أنك تعيش منها في جنة. . . قبل. . . نظرات حلوة. . . خدٌّ مورّد. . . أهدابٌ كظلال الخلد. . . ساق ملتفة عبلة. . . جسم ممشوق طوال. . . جيد مهتز ناضج. . . ثدي مثمر يتحلّب نعيما. . . . . . هاتها يا باريس. . . هاتها يا حبيبي. . .)
وقبل أن تتم الخبيثة سحرها، كان الفتى البائس قد ألقى التفاحة في يديها الجميلتين، برغم الصيحات المتتالية التي كانت تهتف به من البحر:(لا يا باريس. . . لا يا باريس. . . أعطها لمينرفا يا باريس. . .!)