في هذه المراصد عمل المسلمون أرصادا كثيرة، ووضعوا الأزياج القيمة الدقيقة. وعلى ذكر الأزياج نقول أن مفردها زيج وفي معناه قال ابن خلدون (ومن فروعه (علم الهيئة) علم الأزياج وهي صناعة حسابية على قوانين عددية فيما يخص كل كوكب من طريق حركته وما أدى إليه برهان الهيئة في وضعه من سرعة وبطئ واستقامة ورجوع وغير ذلك يعرف به مواضع الكواكب في أفلاكها لأي وقت فرض من قبل حسبان حركاتها على تلك القوانين المستخرجة من كتب الهيئة. ولهذه الصناعة قوانين كالمقدمات والأصول لها في معرفة الشهور والأيام والتواريخ الماضية وأصول متقررة من معرفة الأوج والحضيض والميول وأصناف الحركات واستخراج بعضها من بعض يضعونها في جداول مرتبة تسهيلاً على المتعلمين وتسمى الأزياج) ومن أشهر الأزياج زيج إبراهيم الفزاري وزيج الخوارزمي وأزياج المأمون وابن السمح وابن الشاطئ وأبى حماد الأندلسي وابن يونس وأبى حنيفة الدينوري وأبى معشر البلخي والأيلخاني وعبد الله المروزي البغدادي والصفاني والشامل (لأبي الوفاء) والشاهي (لنصير الدين الطوسي) وشمس الدين وملكشاهي والمقتبسي (لأبي العباس بن أحمد بن يوسف بن الكمال) وو و. . .
الخلاصة:
وبالجملة فان للعرب فضلاً كبيراً على الفلك.
(أولاً) لأن العرب نقلوا الكتب الفلكية عند اليونان والفرس والهنود والكلدان والسريان وصححوا بعض أغلاطها وتوسعوا فيها وهذا عمل جليل جداً لاسيما إذا عرفنا أن أصول تلك الكتب ضاعت ولم يبق منها غبر ترجماتها في العربية وهذا طبعاً ما جعل الأوربيون أن يأخذون هذا العلم عن العرب فكانوا (أي العرب) بذلك أساتذة العالم فيه.
و (ثانياً) في إضافاتهم الهامة واكتشافاتهم الجليلة التي تقدمت بعلم الفلك شوطا بعيداً.
و (ثالثاً) في جعلهم علم الفلك استقرائياً وفي عدم وقوفهم عند حد النظريات كما فعل اليونان.
و (رابعاً) في تطهير علم الفلك من أدران علم التنجيم.