- وسمعته مرة يروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:(أُلهُو والعبوا فإني أكره أن أرى في دينكم غلظة) وبديهيُّ أن المراد باللهو واللعب المباحان شرعاً
وبمناسبة حديث الأمَةِ التي سألها النبي صلى الله عليه وسلم: أين ربك يا جارية؟ فأشارت إلى السماء - قال الشيخ:(مرّ عيسى عليه السلام برجلٍ يصلي وصنعته عمل البراذع وهو يقول في سجوده: (دُلَّني يا ربّ على حمارك لأصنع له برذعه من ذهب) فاعترضه عيسى. فأوحى الله إليه:(دعهُ فإنه مَجّدَني بحسب عقله)
وكنا أحياناً نلمح في الحديث بصيصاً من معنى يتعلق بأحوالنا الاجتماعية، فنريد شيخنا على التوسع في شرح الحديث، فيأبى تورعاً وخشية أن نقعَ في باطل من القول:
جاء في حديث عائشة أن جبريل أراه صلى الله عليه وسلم صورتها في قطعة من جيّد الحرير. فتساءلنا في الدرس عما إذا كان هذا الحديث يدلُّ على جواز التصوير؟ أو على جواز أن يرى الرجلُ من يَوَدُّ خِطبتها من النساء: فيكون التصوير حاجةً من حاجات الاجتماع
فقال أحد الإخوان: ما دام للرجل الحقُّ أن يرى خطيبته نفسها فليس ثم حاجةٌ إلى رؤية صورتها. فرد عليه آخر بأنه قد يتفق أن يكون هو في بلد وهي في بلد آخر فيحملَ إليه البريدُ صورتها، كما حمل جبريلُ صورةَ السيدة عائشة
كان يجري هذا الحوارُ في الدرس وشيخنا ساكت وأردناه على أن يفيدنا ما عنده في هذا الموضوع فلم يفعل، وظل ساكتاً. واستدرجتُه مرةً إلى موضوع عصريّ طريف فأفتى به أو كاد. ثم عاد إلى الاعتصام بالسكوت:
ذلك أنه مرَّ معنا في حديث مسلم قوله:(لِمَ؟ أُصلي فأتيمم)، فقرأتها (لمْ أصلي فأتيمم) واستشكلت رفع (أصلي)، فقال الشيخ (لمَ) للاستفهام لا للجزم، وأصلي مستأنف مرفوع
فاغتنمت هذه الفرصة وقلت له: إنهم اليوم اصطلحوا على علامات يرقمونها بين الجمل، ويسمونها علامات التنقيط: وهي نقطة، ونقطتان، وواو صغيرة كالضمة، وخط صغير أفقي، وخط آخر عمودي، وغير ذلك مما يستعملونه في مقامات التعجب والاستفهام والوقف
فقولُ الحديث (لمَ أُصلّي فأتيمم)؛ لو وُضعتْ علامة الاستفهام بعد (لمَ) لقُرئت استفهاماً من أول الأمر