كسائر الناس العاديين)، وقد أكد ألكسندر تاسوني أحد كتاب القرن السابع عشر أنه كثيراً ما يحدث أن ينجب آباءٌ عباقرة أبناءً عظيمي الغباوة، وآباءٌ شديدو الغباوة أبناءً علماء. واستشهد على النوع الأول بأبناء أفريكان الكبير وأنطوان وشيشرون ومارك أوريل وسقراط. ويعتقد أوسوالد الكيميائي الألماني الشهير أن أبناء الرجل العبقري لا بد أن يكونوا أقل منه
وذكر تاسوني رأي أحد العلماء المعاصرين له وكان يفسر النقص في كثرة أبناء الرجال العباقرة بقوله:(في الرجال العظام تتجمع معظم القوى الحيوية في المخ كيما تقويه وتبعث الحياة والعنف في القوى الفكرية. ولهذا السبب يكون الدم والخلية باردين ضعيفين. والنتيجة أن يكون أبناء أولئك الرجال وخصوصاً الذكور أغبياء)
وهناك حقيقة أخرى هامة فيما يختص بوراثة العبقرية، وهي أن هناك ظواهر من الجنون والاضطراب العصبي تحول دون وراثة هذه العبقرية. ذلك أن العبقري تصحبه غالباً أنواع خاصة من الأمراض النفسية. وكثيراً ما يُلاحظ المرض العقلي عند سلف وخلف الرجل العبقري. ومن المعلوم أن الجنون ينتقل غالباً وبكثرة شديدة في الأجيال القريبة. وحالات الجنون الوراثي في ثلاثة أجيال متعاقبة عديدة جداً. وكان الجنون فيها في الغالب من نوع واحد. والآن، أليس هنا تشابه - وإن لم يكن كاملاً - بين وراثة العبقرية ووراثة الجنون؟
وقد ذكر مورو دوتور أن بين طبقات المجتمع التي تحوي أكبر عدد ممكن من الرجال الممتازين بذكائهم الشديد يوجد أيضاً أكبر عدد ممكن من المجانين. وقد لاحظ كل علماء النفس أن هناك عدداً من المجانين لهم أقارب يتميزون بذكاء تتفاوت درجاته. من ذلك أولبمبيا أم اسكندر الأكبر التي كانت امرأة فاسدة الخلق ظاهرة الوضاعة. وكان أب الاسكندر داعراً إلى أقصى حد. وكان الاسكندر نفسه مصاباً بحالة عصبية في كوعه. وكان شقيقه أريدوس - الذي قتل بأمر أولبمبيا - أبله معتوها
وكان ابن برناردين دوسانت بيير، وإحدى بنات فكتور هوجو، ووالد وأشقاء فيلمان، وشقيقة الفيلسوف كانت، وشقيقة هيجل، وغيرهم وغيرهم كانوا جميعاً مجانين. وكانت شقيقة ريشليو تتصور أن ظهرها من البلور، وكان شقيقه معتوهاً. وكان والد الموسيقى بيتهوفن مدمناً الخمر، وكان الشاعر بودلير نفسه نصف مجنون. وقد كتب يقول: (أن