والديّ اللذين كانا إما معتوهين أو مجنونين قد ماتا ضحيتي جنون فظيع) وكان والدا الشاعر الأمريكي الشهير ادجار بو شديدي الإدمان لتعاطي المشروبات الروحية
وكانت تحدث لشاتوبريان حركات تشنجية في ذراعه، وكان دائم التفكير في الانتحار، وكان أخوه نصف مجنون؛ وكان والد بلزاك غريب الأطوار، وكذلك كان بلزاك نفسه. وكانت جورج صاند شديدة الانقباض والحسرة وهي في السابعة عشرة من عمرها، وقد حاولت الانتحار فيما بعد عدة مرات. وقد كان والدها يشبهها من هاتين الناحيتين. وكان كثير من أقارب هوفمان مجانين. أما هوفمان نفسه فقد أصابه الخَرَف لطول استسلامه للشراب، وكان يتصور أمام عينيه أشباحاً ويصيبه من جراء ذلك الرعب الشديد، فيطلب من أمه أن تجلس بجانبه. وكانت خالة هيرنر مجنونة وأخته شديدة الكآبة؛ وقد جن ابنها
وكان أثر الوراثة المرضية بارزا في لورد بيرون. إذ كان أبوه رجلاً فاسد الخلق وقحاً. وكانت أمه غريبة الأطوار متكبرة طائشة. كذلك كان شوبنهور وارثاً لما كان عليه من غرابة الميول واضطراب الأعصاب. فقد كانت خالة جدته وجدها مجنونين. وكان أبوه تنتابه نوبات قوية من الغضب المتزايد والهم الدفين الذي يكشف عن نفسه المريضة
وكانت أسرة الفيلسوف رينان - الذي كان يعذبه اضطراب أعصابه - تسودها أنواع مختلفة من الجنون؛ وكان عمه مأفونا. وقد قضى حياته في التصعلك حتى وجد ذات ليلة ميتاً على قارعة الطريق. وكان جد رينان شديد الوطنية عظيم الإخلاص، ولكنه فقد عقله عام ١٨١٥م نتيجة همّ ألمّ به. وقد أصبحت بلدة تريجويير التي ولد بها رينان ممتلئة بالمجانين وأنصاف المجانين نتيجة إكثار أهلها من زواج بعضهم ببعض
فمما ذكرنا يظهر أن العبقرية ليست محدودة. وأنها لا تمتد إلا لأفراد مخصوصين، فلابد إذن من أن نعرف أن هناك شيئاً آخر غير الوراثة المجردة. إن العبقري يظهر في الأسرة في لحظة معينة ولا يمكن أن يظهر قبل ذلك. كذلك قد يتبعه وقد لا يتبعه عباقرة آخرون. والأب العبقري قد يكون له ابن عادي، وقد يكون هذا الابن غبياً. وإذا استمرت الأسرة في إنتاج عباقرة كثيرين فإن هذه الظاهرة تقف بعد بضعة أجيال كأن الطبيعة قد نالها الرهق والضنى. وأخيراً كثيراً ما يحدث أن يحل الجنون محل العبقرية ويكون ذلك راجعاً إلى نوع خاص من الوراثة متأثر بعوامل غير وراثية