للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وانتزاع الموضوعات الأدبية منها، والابتكار في اختيار الموضوع، والتفنن في التعبير عنه، لا النسج على منوال الأقدمين كما هو شائع في العصر الكلاسيكي

وإذا ما ألقينا نظرة على شعر وردذورث ألفيناه يمثل الأدب (الرومانتيكي) أصدق التمثيل، وما يصدق على شعره يصدق على آرائه ونزعاته، وخاصة في مستهل جهاده الأدبي، حينما كان من أنصار الثورة الفرنسية التي كانت ثمرة فلسفة روسو بطل الحركة الإبتداعية

زواجه، كهولته، منتهى حياته

تزوج وردزورث سنة ١٨٠٢م من ماري هتشنسن، من تلك العائلة التي كان يكثر من الترداد عليها. ويُروى أنه أراد أن يغتفر زلّته مع خدينته (أنيت فالون) قبيل إقدامه على الزواج، لهذا شرع في استرضائها بشتّى الوسائل، والظاهر أنه نجح في ذلك. والذي نعلمه أن (أنيت) هذه لم تلاق جفاءّ ومضضاً في عيشتها، وأن ابنتها زُوجت من أحد السراة. وفي قصيدة للشاعر موضوعها (على الشاطئ قرب كاليس) يخاطب ابنته هذه ويرخّم بها بكل وداد وتحنان. على أن هذه القصة لا تزال طيّ الخفاء ولم ينكشف لنا منها إلا الشيء القليل. والباحث في ترجمة حياة وردزورث وتحليل عبقريته يود لو أنه ذكر لنا تلك الحادثة بالتطويل شارحاً بذلك عواطفه نحوها وحبه لها قبل وبعد وقوعه في الجرم. لو فعل الشاعر ذلك لوفّر على الباحث الشيء الكثير من الحدس، ولأنار لنا هذه الناحية المهمة من حياته غير تارك مجالاً لتقوّل المتقولين، وإشاعات المشيعين

ولقد وجد في زوجته امرأة سامية الخلق عالية المدارك شديدة العطف والإحساس، لا تقلّ بذلك عن أخته دوروثي. فلا عجب أن رأينا دوروثي تخلد إلى الراحة بعد أن أدت واجبها إلى أخيها ونحو الأدب بكل أمانة وإخلاص، إذ رأت في امرأة أخيها خير خلف لها. ولقد خلّد الشاعر اسم زوجته هذه في قصيدة موضوعها (هي مثال الرضا)

وفي سنة ١٨٠٨ ورده نعي أخيه يوحنا، فقد مات غرقاً في أحد المراكب التي كان يتولى إدارتها. فكان ذلك باعثاً للحزن والأسى في نفسه. وعلى أثر موت شقيقه نظم قصيدة خالدة عنوانها (أخلاق المجاهد السعيد) مشيراً فيها إلى أخيه وحياته الحافلة بجليل الأعمال؛ ولهذه القصيدة من الشهرة ما جعل الإنكليز والأمريكان يتلونها في مآتمهم، فيجدون في ذلك ما يعزّي النفوس ويسرّي عنها الأحزان

<<  <  ج:
ص:  >  >>