للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وفي تلك السنة أيضاً انتقل الشاعر وامرأته وأولاده الأربعة إلى ألان بارك إلى بيت رحب الفناء جميل الشكل حيث أتم قصيدته: (النزهة). هنالك افترق الشاعران الصديقان كولردج ووردزورث، وذلك على أثر تعريض وردزورث بصديقه ووصمه إياه بالجنون الناتج عن إدمانه الأفيون، فكان لهذا أثر بليغ في نفس كولردج لم يطق بعده العيش معه، وبانتهاء صداقتهما انتهت حياتهما الأدبية الخصبة، ويندر أن تجد بين عيون قصائد وردزورث واحدة نظمت بعد ذلك الافتراق

وفي سنة ١٨١١ انتقل شاعرنا إلى بيت مجاور لإحدى الكنائس حيث توفي اثنان من أولاده، إلا أنه لم يمكث هناك طويلاً، بل رحل سنة ١٨١٧ إلى بيته الجميل في (كدل ماونت) حيث أتيح له أن يلقى شخصيات ذات أدب جم ومكانة اجتماعية سامية؛ ولقد قام برحلات شتى أهمها إلى أواسط أوربا، وأخرى إلى سكوتلندا، وعلى أثر رحلته الأخيرة نظم خمس عشرة قصيدة تفيض بذكريات الطفولة وأحلام الشباب، منها قصيدته المشهورة (الحصاد المنعزل)

ولقد لبث طيلة هذه المدة مكلوم الفؤاد، حزين النفس، لما حل به من المصائب والويلات العديدة، ولما كان يلاقيه من جفاء وخصومة في الأوساط الأدبية. غير أنه حدث في سنة ١٨٣٩ ما طيب نفسه وسرى عنه شجونه وهمومه، وشجعه في مبدئه، فقد عرّفه كيبل أحد كبار أساتذة كمبردج إلى إحدى الشخصيات الكبرى في البلاط، وأشاد بذكره أمام ذوي المناصب السامية، فذاع صيته بين الخاص والعام، وأحرز مركزاً رفيعاً في الأدب لا يقل عن مركز ملتن

وفي سنة ١٨٤٢ منحته الدولة مرتباً سنوياً مقداره ٣٠٠ جنيه تشجيعاً ومكافأة له؛ وبعد موت روبرت سذى سنة ١٨٤٣ عرض عليه منصب شاعر الدولة، فرفضه في بدء الأمر لبلوغه الرابعة والسبعين، وقيل لأنه رأى صعوبة وعناء في نظم قصيدة في كل سنة يلقيها في عيد ميلاد الملكة كما جرت العادة قبله، غير أن رئيس الوزراء سر روبر بيل عاد وبعث إليه بكتاب نقتطف منه ما يلي:

(لما كانت صاحبة الجلالة توليك ثقتها الغالية فبادر بقبول هذا المنصب، وكن عند أملها فيك. وإنها لتتوخى بعملها هذا أن ترفعك إلى المركز الذي يليق بمقامك الأدبي والاجتماعي،

<<  <  ج:
ص:  >  >>