ولا سيما في الموسيقى؛ ولما بلغ هانز أشده أبدى مقدرة في قرض الشعر، وحاول أن ينتظم في سلك المسرح في كوبنهاجن؛ ولكن تربيته الساذجة حالت دون هذه الأمنية؛ وبلغ الملك خبر هذا الفتى العجيب ومواهبه الخارقة، فأمر بأن يلقن بعض ضروب الثقافة؛ وكان لذلك العامل الجديد أحسن الأثر في إبراز مواهبه الشعرية والفنية. وكان بدء شهرته ومجده قصيدته الخالدة (الطفل المحتضر). ثم تلاها بقطعة أدبية ساخرة اسمها (نزهة إلى آماك) وقد صدم آندرسن في بدء حياته الأدبية بمهاجمة النقدة؛ ولكنه لم يعبأ بهم؛ وأمر الملك بأن يسافر آندرسن في بعض الرحلات على نفقته. وكان أعظم ما أخرج آندرسن بعد رحلاته، قصصه الخالدة التي تعرف (بقصص الجن). ومنها (كتاب الصور الذي لا صور فيه)(سوق شاعر)(قصص من جتلندة)(البجعة المتوحشة)(العذراء الثلجية)(الجندي الشجاع) وغيرها؛ وهي جميعاً من القصص البريء الساذج الذي وضع للطفولة، ومن أبدع ما أخرج القلم في هذا الباب من القصص؛ ويمتاز آندرسون بخياله المبدع وأسلوبه الساحر، وخفة روحه التي تخلب لب قرائه الأطفال في جميع أنحاء العالم، وقد ترجمت قصصه إلى جميع اللغات الحية، بحيث أصبح بحق كاتباً عالمياً عظيماً.
قصور بيزنطية
من أنباء استانبول الأخيرة أن المباحث الأثرية التي يجريها العلامة الأثري الايكوسي الأستاذ باكستون للبحث عن مواقع بيزنطية القديمة قد أسفرت عن العثور على بعض آثار تحدد موقع القصر الإمبراطوري القديم أو قصر قياصرة الدولة الشرقية. وقد توفر على درس هذه المسألة عدد كبير من العلماء؛ ودرسوها على ضوء الخطط القديمة لعاصمة القياصرة؛ ولكن مباحثهم كانت نظرية في الغالب؛ وأشهر من قام بهذه الدراسات العالمان الأثريان ممبوري وفياند في رسالتين شهيرتين أثبتت بهما بعض الخرائط والخطط النظرية القديمة لعاصمة القياصرة. وقد استعان الأستاذ باكستر بهذه الدراسات التاريخية على إجراء مباحثه؛ وبدأ بالحفر على مقربة من جامع السلطان أحمد الذي تجتمع فيه عدة من أشهر الآثار البيزنطية مثل كنيسة أياصوفيا الشهيرة، وهي على مقربة منه، ومسرح الهيبدروم (مسرح الخيل)؛ وحصر الأستاذ حفرياته في المنحدر المتجه نحو البحر، فعثر على عمق مترين ونصف متر على ممشى من الرخام وعلى بعض الأساسات القديمة، ووجد بينها آثار