من الأمراء والخلفاء منذ فتحت وإلى أن زالت الدولة الفاطمية. أحب أن يصل ذلك بذكر من ملك مصر بعدهم من الملوك الأكراد الأيوبية والسلاطين المماليك التركية والجركسية غير معتن فيه بالتراجم والوفيات لأنه أفرد لها تأليفاً آخر
وفي هذا الكتاب كما في أكثر ما خطته يد المقريزي يسقط الباحث على شذرات في التاريخ وآراء سديدة في نقد الحوادث ما عرف عنه مثله في سائر كتبه المنقحة، فقد قال في دولة بني العباس وهو ما سبق له التصريح بمثله في كتابه النزاع والتخاصم:(وفيها افترقت كلمة الإسلام وسقط اسم العرب من الديوان، وأدخل الأتراك في الديوان، واستولت الديلم ثم الأتراك، وصار لهم دول عظيمة جداً، وانقسمت ممالك الأرض عدة أقسام، وصار بكل قطر قائم يأخذ الناس بالعسف ويملكهم بالقهر) وقال في المنصور إنه أول من أوقع الفرقة بين ولد العباس وولد علي بن أبي طالب وكان قبل ذلك أمرهم واحداً، وهو أول خليفة قرب المنجمين وعمل بأحكام النجوم، وأول خليفة ترجمت له الكتب من اللغات، وأول خليفة استعمل مواليه وغلمانه في أعماله وقدمهم على العرب، فاقتدى به من بعده من الخلفاء، حتى سقطت قيادات العرب وزالت رياستها وذهبت مراتبها، وكان قد نظر في العلم فكثرت في أيامه روايات الناس واتسعت علومهم
ومما دونه من حوادث سنة ٥٩٤ أن معز الدين إسماعيل ابن سيف الإسلام طغتكين ملك اليمن ادعى الألوهية نصف نهار وكتب كتاباً وأرخه من مقر الألوهية ثم رجع عن ذلك، وادعى الخلافة، وزعم أنه من بني أمية ودعا لنفسه في سائر مملكته بالخلافة، وقطع الدعاء من الخطبة لبني العباس ولبس ثياباً خضراً وعمائم خضراً مذهبة، وأكره من كان في مملكته من أهل الذمة على الإسلام. . . وفي حوادث سنة ٦٠٧ أن الملك الأوحد ابن العادل ظفر بملك الكرج ففدى هذا نفسه منه بمائة ألف دينار وخمسة آلاف أسير من المسلمين، وأنه يلتزم الصلح ثلاثين سنة وأن يزوجه ابنته بشرط ألا تفارق دينها. وفي حوادث ٦٠٩ أنه كان في جهاز ضيفة خاتون ابنة العادل مائة مغنية يلعبن بأنواع الملهى، ومائة جارية يعملن أنواع الصنائع البديعة. وفي حوادث ٦٢٦ أنه وقعت الحوطة على دار القاضي الأشرف أحمد بن القاضي الفاضل، وحملت خزائن الكتب جميعها إلى قلعة الجبل بمصر، وجملة الكتب ثمانية وستون ألف مجلدة، وحمل من داره خشب خزائن الكتب