القديمة، ولا بما يوثق بينهما من أواصر الدم والدين واللغة ومختلف المصالح المعنوية والمادية؛ وإذا كان مما يدعو إلى الغبطة أن الأمتين رغم هذا الشذوذ القائم في علائقهما الرسمية، تقدر كلتاهما واجبها نحو الأخرى، وتعاملها معاملة الأخت الشقيقة، بل وتبعث إليها بممثل غير رسمي يتمتع فعلاً بجميع المجاملات الممكنة، فإنه لابد من تتويج هذه الحالة الفعلية القائمة بالصبغة الرسمية الصريحة حتى يزول كل ريب والتباس في علائق الدولتين
وثمة ملاحظة أخرى في موقف مصر من الأمم الشرقية الشقيقة هي تصرفها في مسألة تبادل التمثيل السياسي مع أفغانستان؛ فقد أنشأت أفغانستان لها في مصر منذ أعوام مفوضية خاصة وبعثت إليها بوزير مفوض؛ ولبثت أفغانستان تنتظر مدى أعوام أن تعاملها مصر بالمثل، وأن تقوم في كابول مفوضية مصرية يتولى أمرها وزير مصري مفوض؛ ولكن الحكومة المصرية رأت أخيراً أن تكتفي بأن تنشئ في كابول مفوضية اسمية يتولى أمرها (قائم بالأعمال) وأن تسند إلى وزير مصر المفوض في طهران، فاضطرت الحكومة الأفغانية إزاء ذلك أن تلغى مفوضيتها في مصر، وأن تبعث بوزيرها المفوض إلى جهة أخرى، وأن تكتفي كالحكومة المصرية بمفوضية اسمية يتولاها (قائم بالأعمال) وتسند إلى وزير أفغانستان المفوض في تركيا
وهذه نتيجة يؤسف لها؛ خصوصاً إذا ذكرنا أن مصر في الوقت الذي تقدم فيه على هذا التصرف إزاء أفغانستان، وفي الوقت الذي تكتفي فيه بأن يمثلها في العراق (قائم بالأعمال)، تنشئ لها مفوضية جديدة في النمسا يتولاها وزير مفوض خاص
هذه مآخذ في سياسة مصر الخارجية نحو الأمم الشرقية، كنا نود أن تنزه عنها وأن ترتفع فوقها؛ فمصر وحدة بارزة في هذه الكتلة الشرقية التي تضطرم اليوم بروح جديدة، وتحفزها آمال وأماني مشتركة، وتجمع بينهما جميعاً صلات التاريخ والأجيال، وسياسة مصر نحو هذه الأمم الشقيقة يجب أن تقوم على اعتبارات معنوية سامية ترتفع فوق كل الاعتبارات المادية
ويجب أن تذكر مصر دائماً أنها تضطلع بتبعات خاصة نحو العربية والإسلام؛ فهي تحمل رسالة الثقافة العربية، وإليها تتجه أنظار الأمم العربية، تقفوا أثرها وتتعاون معها في إحياء