للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الزهرُ والأعشابُ في يقظةٍ ... كأنها تمشي إلى عرسِها

أَوَقْعُها أَلينْ من وقعِها؟ ... أم حُّسها أرفقُ من حسِّها؟

رنا إلى خلفُ على رقبةٍ ... وقد عراه الشكُّ من عودِها

إن لم تعد حيةً فلأَعد! ... إنَّ الردى أهونُ من فقدِها

فأبصَرَ الغادةَ شفافةً ... كشعلةٍ تَسطعُ من وقدِها

ولمعةُ الأحلاِم في عينهِا ... وجذوةُ الأشواقِ في خدِّها

تقابلا! لكنَّ صوتَ الردى ... صاحَ، فحالَت كُتلةً من ترابْ

فلم يعانِقْ غير أحلامِه ... ولم يُشارِفْ غيرَ لمعِ السرابْ

وهاتفٍ صاح به: يا فتى ... عُدْ للهوى الباكي، وعُدْ للعذابْ

واحمل بقايا العود، لا تمتهِلْ ... حَرَقْتَهَا: ليس لها من إيابْ

غداً إذا آبَ وآلامهُ ... هادئةٌ، يسكُتُ قيثارُه

غذوه بالآلام لا ترأَفوا ... تَرِنُّ بالآلام أوتارُه

لا تقتلوا الأشجانَ في نفسِه ... تفيضُ بالأشجانِ أشعارُه

لولا الذي تسكُبُه يا ندى! ... ما ضحِكَتْ في الروضِ أزهارُه

لنا بآلامِ الورى لذةٌ ... وبالنَّدَى يُشرِقُ لونُ الزهَرْ

نريدُه يشدو لنا فليعدْ! ... حليفُه الهمُّ وطولُ الضجرْ

نريده يشدو فلا تَقطعوا ... من مِعزَف الألحانِ هذا الوترْ

قد يَطرَبُ اللهُ وأملاكُه ... لنكبةٍ تُنطِق قلبَ البشرْ

لِلأرضِ من قلب الفتى مِزقةٌ ... ومزقةٌ يرفعها للسماءْ

فوزعِ القلبَ على أهلهِ ... وامنحْ من الآلاِم معنى الهناءْ

خُلقتَ هتافاً فلا تبتئسْ=هل نتاجُ الطيرِ إلا غناءْ؟

إن تَبقَ منه بضعةٌ فلتكنْ=هديةً مشكورةً للفناءْ. . .

دمشق

خليل هنداوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>