وصروحها، وهي حقيقة ينوه بها المقريزي في مقدمة (الخطط) إذ يذكر كتاب القضاعي (المختار) ضمن مصادره ثم يقول: (ومات (أي القضاعي) في سنة سبع وخمسين وأربعمائة قبل سني الشدة فدثرا أكثر ما ذكر ولم يبق إلا يلمع وموضع بقلع) والظاهر مما نقل ألينا من كتاب القضاعي أنه أثر ضخم تناول فيه خطط مصر وآثارها وتاريخها منذ الفتح الإسلامي بإفاضة، وأضاف أليه ما انتهت إليه أحوال القاهرة المعزية حتى منتصف القرن الخامس والظاهر أيضاً أن كتاب (المختار) إنما هو المنعوت (بتاريخ القضاعي) لأن ما نقل إلينا منه من الشذوذ يمتاز بإفاضة واضحة، ولا وجود له في الموجز المسمى (عيون المعارف)
وقد كان القضاعي، كما يبدو من آثاره، مؤرخاً دقيقاً ثقة، يزن روايته ويمحصها، وكانت روايته عن مصر الإسلامية، ولاسيما عن حوادث عصره، مستقى خصباً لكثير من المؤرخين المتأخرين؛ وما زالت هذه الرواية ذائعة تتخذ مكانها بين مصادر التاريخ المصري حتى أواخر القرن التاسع حيث نرى السيوطي ينقل في حوادث فتح مصر عن كتاب (الخطط) للقضاعي مكتوباً بخطه، وفي ذلك ما يؤيد أيضاً أن الكتاب المنعوت (بتاريخ القضاعي) إنما هو كتاب يحتجب عنا هذا الأثر الهام بين مصادر التاريخ المصري، ولاسيما بين مصادر العصر الفاطمي الأول، الذي احتجب عنا معظم الآثار الخاصة به، والتي غدت كالحلقة المفقودة في مصادر تاريخ مصر الإسلامية