التي قطعها قسطنطين السابع للمستنصر وتوفي قبل الوفاء بها
ولكن القضاعي أخفق في مهمته. ذلك أن السياسة البيزنطية آثرت جانب السلاجقة، لأنهم كانوا يومئذ أشد خطراً على الدولة الشرقية من مصر، وآثر القيصرأن يتعاقد مع رسول طغرلبك؛ وبعث القضاعي بذلك إلى المستنصر، فرد المستنصر بالقبض على أحبار قمامة ومصادرة نفائسها، واضطربت العلائق بين مصر وبيزنطية كرة أخرى؛ وعاد القضاعي إلى مصر على أثر هذا الفشل، ونستطيع أن نضع تاريخ عودته في سنة ٤٥٠ هـ (١٠٥٨م) أعني بعد أن أنفق أكثر من عامين في رحلته. ثم توفي القضاعي بعد ذلك ببضعة أعوام، في ١٦ ذي القعدة سنة ٤٥٤
كتب القضاعي عدة مصنفات في الفقه والتاريخ منها كتاب (الشهاب) وكتاب (مناقب الإمام الشافعي وأخباره) وكتاب (الأنباء عن الأنبياء وتواريخ الخلفاء) وكتاب (المختار في ذكر الخطط والآثار) وكتاب (عيون المعارف)، وقد دثر معظم هذه الآثار، ولم يصلنا منها سوى كتاب (الشهاب) و (مسند الشهاب) أو (مسند الصحابة) وهما في الحديث، وكلاهما بمكتبة الأسكوريال بمدريد؛ وانتهى إلينا أيضاً، كتاب (عيون المعارف) وهو على ما يصفه مؤلفه في مقدمته (موجز في ذكر الأنبياء وتاريخ الخلفاء وولايات الملوك والخلفاء إلى سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة من الهجرة)، وتوجد من عيون المعارف نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية، ولكنا نرتاب في أنها مختصر لكتاب أكبر ربما كان هو المعروف (بتاريخ القضاعي) وهو الذي يقتبس منه كثير من المؤرخين المتأخرين، والظاهر أيضاً أن (عيون المعارف) و (الأنباء عن الأنبياء وتواريخ الخلفاء) هما اسمان لمؤلف واحد حسبما يبدو من مقدمة (عيون المعارف) المشار أليها
بيد أن أهم آثار القضاعي هو بلا ريب كتابه الشهير في الخطط وهو المسمى:(المختار في ذكر الخطط والآثار)؛ ولم يصلنا هذا الأثر، ولكن انتهت إلينا منه على يد الكتاب والمؤرخين المتأخرين، ولا سيما القلقشندي والمقريزي وابن تغري بردي والسيوطي شذور كثيرة تدل على قيمته وأهميته؛ وقد كان لمؤلف القضاعي في الخطط أهمية خاصة لأنه آخر رواية كتبت عن خطط مصر والقاهرة قبل أن تغير معالمها فترة الشدة والخراب التي نزلت بمصر أيام المستنصر بالله، وقبل أن تبعث بعد ذلك خلقاً جديداً في معظم معالمها