الثاني بجُمَلٍ معلومة تدل على أنه قابل ومقر على هذا العمل (انظر ماين على القوانين القديمة صحفية ٢٩٥ و٣٠٥) فلم يكن إذن لدى الرومانيين القدماء عقود مختلفة تتوقف على النية، بل كان من الضروري إجراء حركات معينة، فكان الخصمان في الدعوى يتكافحان أمام القاضي، وكان المتظلم يمسك بخصمه من قفاه ويتضرع إلى إخوانه أن يساعدوه، وكان الموصي إليه لا بد وأن يخلع لباسه ويقفز ويرقص! وكان الأب هو الحاكم والقاضي في أسرته. وجميع أفرادها داخلون في ملكه يتصرف فيهم كما يتصرف الإنسان في ملكه المنقول، فله بيعهم كالعبيد سواء كانوا نساء أو رجالاً (راجع جيبون صحيفة ٥٦٣ جزء ٤) ولم يكن حق الملكية معروفاً لديهم على النسق الذي نعرفه، بل كان الملوك يقطعون الإقطاعاتللضباط والعساكر، وهؤلاء يجبون الخراج من أصحابها المزارعين (ماين صحيفة ٢٦٥)، ومن أراد الزواج يذهب ويشتري زوجته من والدها على الصورة المتقدمة مع إحضار القباني والميزان والشهود، ثم قال: ومن يطلع على أحكام هذا القانون يجد بعضها في غاية الشدة والقسوة كمعاملة المدين المفلس، فانه كان يمهل ثلاثين يوماً وهو مسجون مكبل بالحديد والقيود والسلاسل التي لا تقل وزنها عن خمسة عشر رطلا ثم يعرض ثلاث مرات في السوق العمومي لاستجداء الأصحاب والأقارب، وبعد انتهاء الثلاثين يوماً إما أن يعدم أو يصير عبداً للدائن يبيعه ويقضي دينه، وإذا كان له جملة دائنين حق لهم أن يجزئوا لحمه قطعاً وينتقم كل منهم لنفسه بتقسيم بدنه هذا التقسيم الشنيع (انظر جيبون جزء ٤ صحيفة ٥٨٩ إلى٦٠٠) وكانت أحكام الرومان الجنائية قاسية للغاية، فكانوا يلقون المذنب لافتراس الوحوش الكاسرة في محل يسمى: الأنفتياتر. . . الخ ما ذكره
هذا بعض ما قاله العلماء الغربيون عن الفقه الروماني القديم ومخالفته للجديد، وهو كاف - بلا شك - في خرق الإجماع الذي ادعيته عندهم يا حضرة الأستاذ على استمرار القانون المعهود بينهم من ذلك العهد، ولا نناقشك الآن في أصل احتجاجاتك بسكوت الأوربيين عن جرح القانون الروماني المعهود لديكم أو تلفيقه إلا بهذا، ولا نعيد لك ما قاله العلامة ابن تيمية، ولا أبو الوليد ابن خيره؛ فقد يكون كل كلام لا يروج لديكم إلا إذا كان عليه الطابع الأوربي، فذاك عند بعض قضاء لا يرد قائله، غير أننا سنمهلكم وننتظر حتى يأتي يوم تصيح بكم فيه أوربا الحبيبة: أن أصلحوا معلوماتكم، وغيروا مُذكراتكم، فعند ذلك تخفون