- (أنا؟ أتريد أن ترسل اسمي إلى الميدان؟. . . أتتركني بغير اسم يا رجل؟)
لم يستطع بالاميديز أن يفوز من أوليسيز بطائل، فقد مثل ملك إيتاكادور مجنون تمثيلاً متقناً، يحاول أن يفلت من هذه الحرب التي لا شاة له فيها ولا جمل، والتي قد يقتل فيها أو يؤسر من أجل زوجة خائنة لا شرف لها ولا عرض. بيد أن بالاميديز لم ييأس حين ما شدهه من جنون الملك، فان وسواساً وقر في قلبه أن هذا البله قد يكون تبالهاً، وأن ما بالملك من مس إن هو إلا حيلة يحاول أن يفلت بها من أرزاء الحرب وأهوالها، ثم هو حيلة كذلك للتحلل من اليمين التي أقسمت عشاق هيلين
لذلك لجأ بالاميديز إلى الحيلة هو الآخر، فانقطع أياماً ظل يرقب الملك فيها عن كثب، بحيث لا يراه أوليسيز، ولكن الجواسيس كانت تحمل أخبار السياسي الداهية أولاً فأولاً إلى رئيس البلاط، وهذا يحملها بدوره إلى مولاه. . . الذي يفطن إلى مكر بالاميديز فيبالغ في ادعاء الجنون، وينزل إلى البحر يحرث موجه. . . بعد إذ فرغ من حرث شاطئه!. . .
ويسقط في يد بالاميديز فيطلق آخر سهم في كنانته. . .
ذلك أنه تحايل فسرق تليماخوس الصغير، ولي عهد أوليسيز، والأعز عليه من نفسه، ومن الدنيا وما فيها. . . . . . سرقه فذهب به إلى حيث والده يحرث الشاطئ ويحرث البحر، فطفق يضع الغلام أمام المحراث ليرى ما يكون جنون الملك، هل يقتل ابنه، ويكون بذلك مجنوناً حقاً، أم يتفاداه، ويكون جنونه محض ادعاء وبلهه تلفيقاً؟!
ولكن الملك كان أحرص على ولي عهده، وقرة عينه، من أن يتم فيه حيلة بالاميديز الداهية! فكان كلما تعرض ابنه لخطر الموت، لوى عنان الثور، وذاد الفرس، متفادياً الطفل إلى الناحية التي لا يكون عليه فيها خطر. . .
فتضاحك بالاميديز، وفضح جنون الملك، وأخجل حيلته. . ثم لم يزل به حاضاً محرضاً حتى أقنعه بوجوب خوض هذه الحرب مع إخوانه الهيلانيين
ازدحمت جحافل الهيلانيين في أوليس، وانعقد المجلس الحربي لانتخاب القائد الأعلى، فاختير ابن الشمس البكر، أجامنون، شقيق منالايوس وصفيه، بالإجماع
اختير أجاممنون للقيادة العامة ولو لم يكن خير أعضاء المجلس الحربي. وكيف يكون كذلك